“دولة الرقابة” تعمل ضدنا جميعاً
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع: ذا هيل 7/11/2018
إذا كنت تعتقد أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لا تتجسّس على الأمريكيين هنا في الولايات المتحدة، فاعلم أن هذا المفهوم أصبح من الماضي. مع مرور الزمن، طوّرت القيادة العليا لوكالة الاستخبارات المركزية بشكل سريّ جميع أنواع بيانات السياسة والحجج القانونية لتبرير المراقبة الروتينية المنتشرة على الأراضي الأمريكية على المواطنين الذين لا يشتبه بتورطهم بأعمال إرهابية أو جاسوسية.
لقد كان الاستياء الأخير كبيراً خلال رفع صفة السرية عن وثائق من عام 2014، والتي كشفت أن وكالة الاستخبارات المركزية لم تعترض رسائل البريد الإلكتروني للمواطنين الأمريكيين فحسب، بل اعترضت أيضاً رسائل البريد الإلكتروني الأكثر حساسية، وهي الرسائل التي تمّت كتابتها إلى الكونغرس وتتضمن الأفراد الذين يبلغون عن مخالفات مزعومة داخل دوائر الاستخبارات.
إن إفشاء المعلومات التي بقيت سريةً حتى الآن، تتعلق برسالتي “إخطار للكونغرس” من المفتش العمومي للاستخبارات في ذلك الوقت تشارلز مكولوغ، حيث ذكر المفتش أنه خلال “رصد مكافحة التجسّس الروتينية لأنظمة الكمبيوتر الحكومية” جمعت وكالة الاستخبارات المركزية رسائل البريد الإلكتروني التي كان يتمّ تبادلها بين موظفي الكونغرس ومدير وكالة الاستخبارات المركزية للمبلغين عن المخالفات وحماية المصدر.
وأضاف ماكولوغ أنه كان هناك قلق بشأن “التنازلات المحتملة التي قد تطلقها وكالة الاستخبارات المركزية على سرية المبلغين عن المخالفات، وما يترتب على ذلك من أثر شديد”، فقد كانت معظم رسائل البريد الإلكتروني المعنية بانتظار وتطوير شكاوى المبلغين، كما جاء في خطابات ماكولوغ لكبار المسؤولين من الديمقراطيين والجمهوريين في ذلك الوقت.
هل هذا قانوني؟..
وفقاً لوكالة الاستخبارات الأمريكية، اقتصرت وكالة التجسّس منذ سبعينيات القرن الماضي على جمع المعلومات الاستخباراتية فقط لغرض استخباراتي مسموح به، على سبيل المثال إذا كان هناك سبب للاعتقاد بأن فرد ما متورط بأنشطة تجسسيّة أو إرهابية دولية، وتقتضي الإجراءات الحصول على موافقة مسبقة.
ولكن هنا أصبح الطريق زلقاً، فقد تبيّن أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تدّعي أنه يتعيّن عليها أن تنخرط في رصد مكافحة التجسّس الروتينية لأجهزة الكمبيوتر الحكومية للتأكد من أن بعض الموظفين لا يفعلون أشياء سيئة. الآن، يمكن إدخال جميع المواطنين الأمريكيين واتصالاتهم في عمليات البحث والتي تعتبرها قانونية تماماً. ويكون الأمر “عرضياً”، بعد كل شيء، أن تلتقط وكالة الاستخبارات المركزية اتصالات المبلغين عن المخالفات مع السلطة التشريعية.
ويعود الفضل بذلك للسيناتور تشاك غراسلي، ممثل ولاية آيوا، الذي مكّن من معرفة كل هذه الأمور الآن، حيث كان موظفوه من بين أولئك الذين تم التجسّس عليهم. ويقول غراسلي إن الأمر استغرق أربع سنوات كي يحصل على “إخطارات الكونغرس” المروعة، التي رُفعت عنها السرية، حيث يمكن نشرها على الملأ. يقول غراسلي: إن كلابر وبرينان مازالا يتلكآن، كما لم يكن خلفاؤهما في إدارة ترامب أكثر استجابة. فقط عندما ناشد غراسلي مؤخراً المفتش العمومي لجهاز الاستخبارات الحالي مايكل أتكينسون، الذي أدى اليمين في 17 أيار الماضي، تمّ رفع السرية أخيراً عنها.
وكتب غراسلي في بيان، الحقيقة أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في ظل إدارة أوباما كانت تقرأ رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بموظفي الكونغرس حول المبلغين عن المخالفات في دائرة الاستخبارات، مما أثار مخاوف سياسية جدّية، إضافة إلى القضايا المتعلقة بالفصل الدستوري المحتمل التي يجب مناقشته علانية.
لكن، سواء أكان ذلك قانونياً أم غير قانوني، كان يُنظر إلى هذه الأخبار على أنها صادمة، ويمكن اعتبارها مناقضة لدستور أمريكا من قبل الكثيرين لدرجة أنها تثير الغضب والاحتجاجات الوطنية.
لكن اليوم أصبحنا مخدرين، اُستعيض عن الغضب بالسخرية، “من الذي تفاجأ بهذا؟”، وبسبب رسوخ معتقدات بأن “لا شيء يمكن فعله حيال ذلك”، يرى البعض أن الانتهاكات المزعومة من دائرة المعلومات خلال حملة 2016، بوصفها الفضيحة الرئيسية، جزء سياسي من حل اللغز. إذ تشير الدلائل إلى أن الجهات الفاعلة السيئة التي استهدفت المرشح دونالد ترامب وشركائه في جزء منها كانت لإبعاد الناخبين عن معرفة وسبر أغوار فضيحة أكبر، وهي أن دائرة استخبارات أمريكا تتجسّس بشكل متزايد على مواطنيها، والصحفيين، وأعضاء الكونغرس، والخصوم السياسيين طيلة عقدين من الزمن، إن لم يكن لفترة أطول من ذلك!.”دولة الرقابة” تعمل ضدنا جميعاً