رسالة إلى “العام” و”الخاص”..!
لم ترتقِ العلاقة بعد بين الحكومة وقطاع الأعمال إلى مستوى المتطلبات الحقيقية للتنمية والتي تندرج ضمن معادلة اضطلاع الثاني بمسؤولياته التنموية الحقيقية منها والريعية مع الأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي، واضطلاع الأول بمسؤولياته الإشرافية الفعلية بما يتواءم مع ما يرسمه من سياسات استراتيجية يقوم بتنفيذ عناوينها التفصيلية قطاع الأعمال، في ظل ما تقدمه الحكومة من تسهيلات لوجستية لها علاقة بالجانب التشريعي والخدمي الذي يؤمن البيئة الملائمة للعملية الاستثمارية..!
فلا تزال سمة “الطفيلي” غالبة على الثاني واستسهال الفرص الاستثمارية إما نتيجة تواطؤ بعض مفاصل الطرفين مع بعضهما البعض لجهة توزيع مثل هذه الفرص، أو ربما بسبب استمرار النهج القائم بينهما المعتمد بالأساس على المطالبة المستمرة بالدعم المالي بشكل خاص، والتشريعي بشكل عام..!
ونعتقد أن عدم حسم الحكومة للعلاقة بما يلبي الأهداف التنموية مع من اتخذته “شريكاً تنموياً” يعود بالدرجة الأولى إلى تشابك العلاقات المشبوهة بين العديد من مفاصل هذين الطرفين، ومدى انعكاس نتائجها على المصالح الشخصية للمتورطين بها..!
ففي الوقت الذي نلحظ فيه تمدد العديد من رجال الأعمال وأتباعهم في أروقة الكثير من المؤسسات الرسمية لدرجة تفوق العلاقة الرسمية المفترضة بين الطرفين لتسيير الأمور والإجراءات الإدارية المطلوبة، نرى بأم الأعين ما تزخر به مطاعم ومنتجعات النجوم الخمسة وما فوق، من ولائم مسائية عامرة، مضيفها رواد “الخاص” وضيفها مفاصل مهمة من نظيره “العام”..!
فلم يعد خافياً حقيقية افتقاد المعادلة المفترض أنها تضبط إيقاع العلاقة بين القطاعين -والتي تخول كل قطاع أن يقوم بدوره المنوط به- إلى كثير من توازن واستقرار كفتي ميزانها المتأرجحتين يميناً ويساراً دونما الأخذ بعين الاعتبار ما سيحققه كل طرف..!
إن تصويب مسار العلاقة بين الطرفين يقتضي بالضرورة أن يكون ضمن الإطار تضافر كلا القطاعين في وحدة متكاملة لا يطغى فيها أو يتعدى أحدهما على الآخر، ليستطيعا السير بتناغم وانسجام بما يحقق المصلحة العامة، وذلك من خلال أن يقوم الأول بالتخطيط الاستراتيجي ضمن رؤية واضحة تحدد مسار الثاني ويشرف عليه ويضبط حركته ونشاطه الاستثماري والتجاري -ولاسيما بعد حصوله على الكثير من المزايا التشجيعية- حتى لا يخرج عن القوانين والأنظمة النافذة، ولا يقع بالوقت نفسه في مطب الطفل المدلل ويتحول تدريجياً إلى طفيلي يعتمد في نموه –على سبيل المثال لا الحصر- على مشاريع المقاولات العائدة للقطاع العام ذات المردودية العالية غير الخالية –أغلب الأحيان- من الشهبات..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com