اقتصادصحيفة البعث

ثلاثية التصحيح الجديد

 

إن كانت الحكمة تقول: “في الشدائد يُقاس الصبر، وفي النقاش يُقاس العقل، وفي المواقف يُقاس البشر”؛ فهناك مقولة أؤمن بها وهي: “العين لا تكتُم سراً”.
تلك العين وعلى مدار ثمانية وأربعين عاماً، كانت شاهدة على ثلاثية امتحانات الحكمة، منذ بدء الحركة التصحيحية عام 1970، ولغاية تاريخه 2018.
امتحانات أثبت فيها السوري كفاءة وقدرة على التغيّر والتغيير نحو الأفضل، ما مكّنه في مراحل التحول الأولى من عمر التصحيح، من تحقيق الإنجازات، لأنه امتلك مقومات الصبر والعقل والمواقف الصحيحة المبنية على رؤية بعيدة الأمد لما يجب أن يكون عليه وطنه من تقدم وازدهار ومنعة.
وفعلاً لا كلاماً، أخذ السر السوري يتجسّد واقعاً حقيقياً، كاشفاً عن طاقات فذة كامنة، أطلقها مرجل التصحيح، حتى غدت العين غير قادرة على الإخفاء، وبذات الوقت جعلت كل العيون تشخص لسورية وما يتحقق فيها من تحول ثوري، بدءاً من إنجازات: إقامة الجبهة الوطنية التقدمية، وتشكيل مجلس الشعب، ووضع دستور للبلاد، وصدور مرسوم قانون الإدارة المحلية رقم 15 عام 1971، وليس انتهاء بالإنجازات الاقتصادية والصناعية والزراعية، والحفاظ على الثروات الباطنية، وتأمين الكهرباء والصحة والأمن الغذائي، وكذلك زيادة القدرة الاقتصادية بالاعتماد على قواعد ثلاث: القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع المشترك.
أما في مجال التربية والتعليم والثقافة، فكانت العين شاهدة على العناية الخاصة بقطاع التعليم عبر جعله إلزامياً في مرحلته الابتدائية ومجاناً في كافة مراحله، وكيف تمّ تشجيع التعليم الفني وبناء المدارس حتى في أصغر قرية سورية، وكيف تمّ بناء المراكز الثقافية والمكتبات العامة، والأهم بناء الإنسان السوري.
قائمة تطول من الإنجازات وعلى كافة الصعد، ساهمت جميعها في ازدهار سورية وجعلتها من بين الدول المتقدمة في جميع المجالات.‏
واستمر التصحيح ما بعد العام ألفين، فشهدت سورية في العشر سنوات التالية انفتاحاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً غير مسبوق، جعلها محطّ استهدافات مبيتة، كشفت عن نفسها فيما يُسمّى “الربيع العربي”.
اليوم وبعد ثماني سنوات من محاولات تدمير كل ما تمّ من تصحيح وإصلاح على مدار أربعين عاماً، نجد أنفسنا في مواجهة أنفسنا قبل مواجهة الغير، مواجهة لا خيار أمامنا سوى أن نكون أهل حكمة وحكم، ونثبت كفاءتنا مجدداً في ثلاثية: الصبر والعقل والموقف.
ثلاثية نعتقدها سر عملية التصحيح الجديد، لحراك لا مجال فيه لأي سوري أن يغضّ طرفه عما أوصلنا ووصلنا إليه من فساد، يكاد ينسف ما تبقى من أساسات يمكن أن نبني عليها من جديد سورية الجديدة كما نريدها لا يريدها الغير داخلاً أم خارجاً.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com