عشاق ياسين بقوش: سنتقاسم ذكراك إلى أن نلتقي
جميل أن يصل الإنسان للنجومية، والأجمل أن تطرق بابه وهو في سن الشباب، فمن منا لا يعرف المسلسل الشهير صح النوم، ويعرف ياسين بقوش الإنسان الطيب والصادق، أحب الفن وعشقه منذ نعومة أظفاره فسرى هذا الحب في عروقه وشريانه وأزهر بنفسجاً وريحاناً، وضحى من أجل هذا الحب سنوات كثيرة من عمره خمس سنوات مرت على رحيل فناننا الكبير ياسين بقوش تاركاً خلفه إرثاً ثقافياً وفنياً كبيراً سيخلده مدى الدهر.
سيرة حياته
ولد ياسين بقوش في حي الصالحية الدمشقي، في الخامس من شهر آذار لعام 1938، والده عبد القادر بقوش، وأمه أمينة طرحّها، درس حتى الصف الخامس في مدرسة الأيوبية بحي الصالحية، ثم أخرجه والده من المدرسة وأرسله ليتعلم مهنة في سوق (القروان)- منجّد عربي، أثناء عمله هذا سجل بمدرسة مسائية، وتابع دراسته على نفقته الخاصة، حتى نال الشهادة الثانوية لكن الظروف لم تساعده في إكمال تعليمه الجامعي، فتوظف في وزارة الثقافة في منتصف الخمسينيات، ودرس إخراج مسرح عرائس على أيدي خبراء يوغسلافيين، تم استقدامهم من قبل وزارة الثقافة لتدريس أول دفعة في سورية في عام 1960 حتى 1966، وبقي يعمل بمسرح العرائس والمسرح القومي والتلفزيون حتى أوائل السبعينيات.
بداياته الفنية
بدأ ياسين بقوش رحلته الفنية في مطلع الخمسينيات مع فرقة المسرح الحر التي أسسها الفنان الراحل عبد اللطيف فتحي الذي كان بالنسبة لبقوش بمثابة الأستاذ والمعلم، حيث شارك معه في العديد من المسرحيات أشهرها (تعالى نضحك) وكان مسلسل رابعة العدوية أول عمل درامي يشارك فيه، يليه مسلسل زقاق المايلة، حكايا الليل، وملح وسكر، ويعد مسلسل صح النوم بمثابة الانطلاقة الأقوى له، حيث اكتسب شهرة كبيرة فعرفه الجمهور بشخصية (ياسينو)، وفي سنة 1969 أسس مع الفنان عمر حجو مسرح الشوك، وأقيم أول عرض في المركز الثقافي السوفييتي بأبي رمانة، كما عمل مع المرحوم محمود جبر في مسرحية (حط بالخرج)، وفي المسرح القومي شارك في مسرحية سهرة مع أبو خليل القباني، والملك هو الملك، الملك لير، وقدم آخر مسرحية “السقوط” في 2011 إلى جانب الفنان دريد لحام قدمت في الدوحة، وكان له أعمال كثيرة في السينما تزيد عن 35 فيلماً أهمها(عنتر فارس الصحراء، المزيفون)، وفي السنوات الأخيرة شارك بقوش في عدد من الأعمال الكوميدية والتاريخية،واعتمد عليه كممثل رئيسي مثل «ياسين تورز» و«ياسين في المطبخ» كما شارك في بطولة مسرحيات كوميدية قدمت على مسارح دمشق كان أبرزها مسرحية(الليلة عرسي) التي عرضت على مدار 12سنة، وكان آخر عمل درامي له مسلسل (صايعين ضايعين) 2011، وله أعمال إذاعية كثيرة لا تعد ولا تحصى.
تزوج ياسين بقوش وأنجب (11) ولداً، ستة شباب، وخمس بنات، كان هيثم الابن الأكبر له وهو مهندس مدني، يليه الهمام بقوش مهندس كهرباء، أحمد وهو موظف في التلفزيون وعضو نقابة الفنانين، وياسر مساعد مهندس كهرباء، وهادي، ونهاد بقوش.
أحب الأعمال
عمل فناننا الراحل الكثير من الأعمال التلفزيونية والمسرحية والسينمائية، لكن مسرحية “الليلة عرسي” كان لها وقع إيجابي كبير لكونه أحبها كثيراً، إضافة إلى حبه للمسلسل الشهير صح النوم الذي يعتبره بقوش الانطلاقة الأقوى في مسيرته الفنية.
ياسين الأب
على الرغم من شخصيته البسيطة التي عرفها عنه جمهوره (ياسينو) الإنسان الطيب والساذج، والذي يقدم أكثر مما يأخذ غير أنه كان إنساناً صارماً في بيته وبين أفراد عائلته، وكانت علاقته مع أبنائه تقوم على الحب والاحترام، وكان يقدم لهم كل ما يحتاجونه دون أي تقصير، ويمارس دور الناصح لهم في كل صغيرة وكبيرة، ولم يفرض رأيه على أحد منهم حتى في أدق تفاصيل حياتهم الدراسية والعملية، وكان لا يسمح بتداخل عمله الفني مع أفراد عائلته.
هواياته
كان ياسين يحب المطالعة إلى حد العشق، وصب جل اهتمامه في قراءة الأدب بجميع أنواعه، فكان يعتبر أن اليوم الذي لا يقرأ فيه ليس من عمره، أحب قراءة المسرح كثيراً وقام بتحويل أكثر من نص عالمي إلى مسرحية محلية، كمسرحية العنب الحامض التي أعدها مع الفنان يوسف حرب واسماها حبي ومستقبل غيري ومسرحية زواج الفيجارو التي حملت اسم “الليلة عرسي”، إضافة إلى أنه كان متابعاً رياضياً لكونه مارس رياضة المصارعة الرومانية قبل دخوله الفن، وكان متابعاً للعبة كرة القدم، وبالتحديد مباريات المنتخب السوري.
التكريمات
تم تكريمه لأول مرة عام 1969 من قبل وزارة الإعلام لجهوده في مسرح الشوك. كما تم تكريمه في العيد الخمسين للتلفزيون السوري من قبل نقابة الفنانين عام 1989، وتم تكريمه عن فيلم (نصف ملغ نيكوتين) في إيطاليا عام 2011، وحصل بعد وفاته على وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة من السيد الرئيس بشار الأسد، قدمته لأسرته د. نجاح العطار.
وفاته
توفى الفنان ياسين بقوش في24\2\2013 أثناء عودته إلى منزله طالته يعد الغدر في حي القدم بدمشق، ودفن في مقبرة نبي الله ذو الكفل بحي الصالحية، رحم الله فناننا واسكنه فسيح جنانه.
مهند الحسني