شعبية ماكرون إلى الحضيض.. والاحتجاجات تشعل فرنسا
لم يكن أشد المتفائلين ولا حتى المتشائمين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتوقّعون المستوى المتدني لشعبية رئيسهم خلال فترة قصيرة من وجوده في الحكم، فالمرشّح الذي فاجأ المجتمع الفرنسي واستطاع خلال ثلاثة أشهر من كسر احتكار الأحزاب الرئيسية الكبرى في البلاد والإطاحة بمرشحيها والفوز بكرسي الرئاسة لأول مرة في تاريخ الجمهورية الخامسة، يسجّل اليوم أسوأ شعبية في تاريخ الرؤساء الفرنسيين، بتحقيقه أدنى نسبة تأييد له، فقد أظهر استطلاع للرأي، أجرته مجموعة أبحاث “إيفوب”، في فرنسا انخفاض شعبيّة ماكرون إلى 25% فقط.
مع بداية سنته الثانية في الإليزيه واجه ماكرون عدداً من المشاكل الكبرى، والتي أدت إلى تدهور شعبيته، لعل أبرزها قضية مرافقه الشخصي، المستمرة حتى الآن، ثم “قانون إصلاح المكتب الوطني لسكك الحديد”، الذي انتصرت فيه الحكومة، لكنه ترك آثارَه النفسية والاجتماعية التي لن تنمحي بسهولة، إلى جانب كلفة الاضطرابات الاجتماعية المادية العالية، ولا ننسى أيضاً المسيرات العمالية التي خرجت لـ12 مرة على التوالي منذ وصوله إلى الإليزيه.
يضاف ذلك إلى فرض ضريبة “المساهمة الاجتماعية المعممة” على المتقاعدين، في سابقة في فرنسا، دون نسيان استقالة وزير البيئة، وهو أكثر وزرائه شعبية، ثم إعلان وزير الداخلية عن انسحابه من الحكومة في السنة القادمة لتكريس جهوده لمدينته، ليون، كما أن محاولات ماكرون نفسه في التواصل مع الجمهور اصطدمت في الكثير من الأحيان بالاختيار الخاطئ، “وما حدث في جزيرة غوايانا” وظهور بطريقة انتقده عليها الشارع الفرنسي، هذا في الجانب الداخلي.
أما على صعيد العلاقات مع الحلفاء، فلن ينسى الفرنسيون الإهانة الكبيرة التي وجهها لهم الرئيس ترامب، بعد مطالبة رئيسهم ماكرون بإنشاء جيش أوروبي موحد، عندما نعتهم بأنهم تعلموا اللغة الألمانية قبل أن تأتي القوات الأمريكية لتحريرهم، أضف إلى ذلك الرد البارد من قبل ماكرون والذي اعتبروه عدم قدرة من رئيسهم على مواجهة ترامب، والرد عليه ربما خوفاً من فرض الرئيس الأمريكي عقوبات على فرنسا!!.
عدا عن المواقف المتذبذبة والمتغيّرة باستمرار من العلاقة مع روسيا ومن قضايا الشرق الأوسط، والدفاع الموتور عن النظام السعودي عندما عارض وبشدة أمام رئيس صربيا وقف بيع السلاح إلى الرياض على خلفية قضية الخاشقجي، واصفاً هذه الدعوات بالديماغوجية وغير المنطقية.
إلى ذلك، أظهرت نتائج الاستطلاع انخفاضاً في شعبيّة ماكرون بفارق 4 نقط في شهر تشرين الثاني مقارنةً بالشهر السابق، وقال 4% فقط من المستطلعين: إنهم “راضون جدًّاً” عن أداء ماكرون، وأشار الاستطلاع إلى أنّ 34% كانوا في الغالب غير راضين، في حين قال 39% إنهم غير راضين أبداً، فيما أعلن وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستانير، أن أكثر من 400 شخص أصيبوا بجروح في الاحتجاجات على رفع أسعار الوقود، التي شهدتها فرنسا السبت.
وقال الوزير كاستانير: “أثناء مظاهرات الاحتجاج أصيب 409 أشخاص بجروح و14 منهم جروحهم خطيرة”، وأشار إلى أن الاحتجاجات أسفرت أيضاً عن إصابة 28 من أفراد الشرطة وفرق الإطفاء، وأضاف: إن مظاهرات جرت في أكثر من ألفي مدينة وقرية في جميع أنحاء فرنسا، وشارك فيها أكثر من 287 ألف شخص، ونتيجة الاحتجاجات تمّ احتجاز 282 متظاهراً. وشهدت فرنسا مظاهرات جماهيرية واسعة احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود، ولقيت متظاهرة واحدة مصرعها أثناء الاحتجاجات بعد أن صدمتها سائقة بالخطأ في مقاطعة إيزر جنوب شرق البلاد.
ومن المتوقّع أن ترتفع أسعار الوقود في فرنسا بمقدار 2,9 سنت بالنسبة للتر البنزين و6,5 سنتاً بالنسبة للديزل، فيما أفادت إذاعة “أوروبا 1” بأن سعر لتر الديزل ارتفع خلال العام الجاري بمقدار 23%، فيما ارتفع سعر لتر البنزين بمقدار 15%.