قمة “آبيك” تفشل في صياغة بيان موحّد
بعد اختتام قمة آسيا والمحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي “آبيك”، أمس، وفشل الدول في إصدار بيان ختامي موحّد للقمة، في سابقة هي الأولى من نوعها، برزت إلى العلن بعض المعلومات التي كانت تدور في كواليس أروقة القمة المنعقدة في بابوا غينيا الجديدة. ومن أبرز التعقيدات والخلافات التي ظهرت في قمة “آبيك” هي الصينية الأمريكية، في ظلّ التوجهات الأمريكية وسياسات الرئيس دونالد ترامب الاقتصادية، التي أشار اليها الرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث دعا في كلمته إلى التخلي عن الحمائية وسياسة الإجراءات أحادية الجانب، وضمان سلامة النظام التجاري متعدّد الأطراف من أجل تحقيق تنمية عالمية مشتركة.
فقد بدأت الولايات المتحدة هجومها الحاد على الصين من خلال منصة القمة، عبر كلمة لنائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، الذي أكد “أن الولايات المتحدة لن تلغي التعريفات الجمركية مع الصين إلا بعد تغيير سياساتها”، مشيراً “أن قيمة الأسعار الجمركية على البضائع الصينية ستبقى مرتفعة إلى وقت ستغيّر الصين نهجها الاقتصادي مع واشنطن”.و واكتفى بنس لدى مغادرته بورت مورسبي عاصمة بابوا غينيا الجديدة بتوجيه انتقادات لمبادرة الحزام والطريق الصينية، مشيراً إلى وجود خلافات بين الولايات المتحدة والصين.
الولايات المتحدة في هذه القمة أبدت انزعاجها بشكل مباشر من نشاط الصين الاقتصادي في العالم، فما يؤرّق الأمريكيين اليوم هي صناعات الصين والعلاقات التجارية والاقتصادية التي كرّستها مع دول العالم، هذا فضلاً عن “الغزو الصناعي والفكري” من خلال طرح بدائل تكنولوجية، عبر ادعاءات أمريكية بسرقة الملكية الفكرية لشركات أمريكية كبرى ومنها “أيفون” و”جنرال الكتريك” وغيرها الكثير.
كما كشفت القمة عن هواجس أمريكية كبرى إزاء التبدّلات الجيوسياسية في شبه الجزيرة الكورية، وبدا ذلك جلياً في خطاب مايك بنس، الذي أضاء على الموضوع زاعماً: “إن الصين تهدّد حركة الملاحة البحرية في المنطقة”.
أما الصين فبدورها ردّت على الاتهامات الأمريكية بحنكة، من خلال تجاهل الخطاب والرسائل الأمريكية في قمة “آبيك”، ودعت دول العالم أجمع إلى إقامة علاقات على قاعدة المساواة والاحترام، من خلال تجارة وعلاقات حرّة بين الدول من دون أي قيود أو سياسات تعرقل التطوّر والإنماء في الدول والمجتمعات.
ولعلّ رسالة الرد الصينية كانت أكثر انفتاحاً وعقلانية، وموجّهة إلى الجميع في وقت واحد، فهي تدعو الدول إلى الحوار والعلاقات التجارية العادلة مع إمكانية المساعدة للدول النامية الباحثة عن سبيل لتطوير نفسها، وأطلقت المبادرة للتجارة معها دون أي عقبات، ووعدت بضمان حقوق كل من يتعامل معها من دون خوف من أحد، وهذه بحد ذاتها رسالة إلى الأمريكيين ومفادها: “لا نخاف منكم، ونحن مستمرون بسياستنا”.
وزير خارجية بابوا غينيا الجديدة ريمبينك باتو أعلن: “إن الرؤى المتعارضة في المنطقة جعلت من الصعب صياغة بيان ختامي مع كشف الولايات المتحدة والصين عن طموحات متنافسة في المنطقة”، فيما قال رئيس وزراء بابوا غينيا الجديدة بيتر أونيل: إن بلاده ستصدر بياناً ختامياً رسمياً في الأيام المقبل، وأضاف: “يركّز رؤساء آبيك على الجهود الهادفة إلى تخفيض مستوى عدم المساواة وضمان التنوّع الاقتصادي، ويتعاونون من أجل تخفيف القيود التجارية.. لصالح النمو”.
كما أفاد أونيل بأن القمة المقبلة لآسيا والمحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي ستعقد في تشيلي عام 2019.
إلى ذلك قال مصدر من أحد الوفود المشاركة في القمة: إن المشاركين في القمة واجهوا صعوبات فى التنسيق وتوقيع الإعلان النهائي للقمة، وتابع: “تمّ اتخاذ البيان الذي حذفت منه البنود العالقة، وبينها ما يخص منظمة التجارة العالمية والممارسات التجارية”.
واعتاد قادة الدول المشاركون في “آبيك” الإعلان عن بيان ختامي في نهاية كل القمم التي عقدت في السابق منذ عام 1993، وبهذا تكون قمة بابوا غينيا الجديدة أول قمة تنتهي دون بيان ختامي.