دراساتصحيفة البعث

الأسلحة الفرنسية تفتك بالشعب اليمني

 

في عام 2017 ، باعت فرنسا ما قيمته 2.6 مليار يورو من الأسلحة إلى دول التحالف العربي الذي يقوده النظام السعودي في حربه الشرسة على اليمن،  واليمن الذي كان ذات يوم سعيد هو اليوم أسوأ وأتعس بلد في العالم، ويشهد كارثة إنسانية لم يسبق لها مثيل مع أكثر من عشرات آلاف الشهداء.

حكومة ماكرون تلتزم الصمت إزاء هذا الوضع الذي ينتهك المعاهدات الدولية، إذ تبيع فرنسا أسلحتها للسعودية، والإمارات، ومصر، والبحرين، والأردن، والكويت، والمغرب وحتى قطر، وهي جميعها ضالعة في الحرب على اليمن، منها 1.6 مليار فقط للسعودية و11.1 مليار يورو للإمارات، وها هي الأمم المتحدة اليوم تدق ناقوس الخطر بانتظام بشأن الوضع الكارثي للبلاد التي غدت الأكثر فقراً في الشرق الأوسط، وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوفوك من أن 14 مليون يمني يواجهون خطر المجاعة ووباء الكوليرا، حيث بلغ عدد الضحايا في كانون الثاني 2017 10000 قتيل و30000 جريح وأكثر من 2.5 مليون نازح.

الواضح أن ماكرون مستمر في دعم هذه الحرب دون أي وازع أخلاقي، فقد أعرب في أكثر من مناسبة عن استهجانه من مطالبة الفرنسيين بوقف مبيعات الأسلحة إلى النظام السعودي، عقب مقتل جمال خاشقجي، ويشاركه ترامب الدعم اللا محدود، وهو الذي أشار بشكل واضح إلى أنه لا يحبذ فكرة إنهاء استثمار قيمته  110 مليار دولار ثمن المعدات العسكرية الأمريكية.

وفي هذا السياق، ثمة معاهدتين تنظمان صفقات بيع هذه الأسلحة: معاهدة تجارة الأسلحة، التي صادقت عليها فرنسا في تموز 2016، وتهدف إلى تنظيم عمليات نقل الأسلحة، ومنع النقل غير المسؤول للأسلحة التقليدية، وتنصّ على حظر بيع الأسلحة إذا كان هناك احتمال لاستخدامها ضد المدنيين. أما الوثيقة الثانية، فهي الوثيقة  الأوروبية بشأن صادرات الأسلحة التي تعود إلى نيسان 2009، وتتضمن ثمانية معايير منها رفض البيع في حال ثبت عدم احترام لحقوق الإنسان في البلد الذي تتجه إليه الأسلحة، والتزام البلد الشاري بالتوترات والنزاعات المسلحة، وتقويض الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار الإقليميين.

وحدها علقت السويد وهولندا وألمانيا صادراتها إلى السعودية، لكن فرنسا  التزمت الصمت حيال هذا الموضوع، والمعلومات الوحيدة المتاحة للرأي العام هي التقرير السنوي عن صادرات الأسلحة من فرنسا، الذي تعده وزارات الخارجية والاقتصاد والدفاع، المسؤولة المشتركة عن  إصدار  تراخيص بيع الأسلحة إلى الشركات الفرنسية، ووحدها السلطة التنفيذية تأخذ بعين الاعتبار فقط المصلحة الاقتصادية للمبيعات، دون القلق بشأن إرسالها لدول تخضع لنزاع مسلح، إذ في عقود الأسلحة تقوم السلطات الفرنسية بتوفير الصيانة الدورية للأسلحة، وقد يستغرق هذا الأمر عدة عقود، وهناك بعض شركات الأسلحة الفرنسية التي استقرت في الموقع، وتعمل مع السعوديين. هناك أيضاً قاعدة أبو ظبي العسكرية، وهي معرض للأسلحة الفرنسية بكافة أصنافها، ما يعني التبعية العمياء التي شيدتها بنفسها الحكومة الفرنسية، وكبّلت أيديها فيها، حتى بات من الصعب عليها الانفصال عن مملكة النفط، وغدت رهينة البرامج التي أطلقتها.

هيفاء علي