بلبلة ترامب التي لا تنتهي
ترجمة: علاء العطار
عن “واشنطن تايمز” 15/11/2018
لم تعد الأمور تسير على ما يرام بالنسبة لترامب منذ الانتخابات النصفية في الأسبوع الماضي، عندما فاز الديمقراطيون بالغالبية في مجلس النواب، حيث كتب مراسل واشنطن بوست، بول كاني، يوم الثلاثاء: لم ينته الأمر بفقدان الجمهوريين لمجلس النواب، وإنما “ما يقارب نصف المقاعد التي حصل عليها أكثر من 30 ديمقراطياً جاءت في مناطق يسيطر عليها الجمهوريون حيث انتصر فيها ترامب في عام 2016، ومع استمرار فرز الأصوات في عدة سباقات انتخابية أخرى، قد تتزايد هذه النسبة”.
ومع ذلك، فقد خسر القادة الديمقراطيون بعض الوقت في إرسال إشارات بأنهم سيوجهون قوتهم الاستقصائية التي كسبوها حديثاً باتجاه البيت الأبيض وإدارة ترامب. ويخطط النائب الديمقراطي جيرولد نادلر عن ولاية نيويورك، الذي سيصبح رئيساً للجنة القضائية التابعة لمجلس النواب، لاستدعاء المدعي العام بالإنابة، ماثيو ويتيكر، للإدلاء بشهادته حول “عدائه المعلن” تجاه تحقيق المحقق الخاص روبرت مولر الثالث في تدخل روسيا المزعوم في الانتخابات الرئاسية 2016. قال السيد نادلر: إنه سيستدعي السيد ويتيكر إذا لزم الأمر.
في سياق متصل، قال النائب آدم شيف، العضو الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، الذي سيصبح رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب: إنه سيبدأ في إجراء تحقيق شامل حول ما إذا كان الرئيس قد استخدم “أدوات سلطة الدولة” في معاقبة الشركات المرتبطة بوسائل الإعلام الإخبارية، شركات مثل “سي إن إن، وواشنطن بوست”، اللتان كانتا تنتقدان السيد ترامب وإدارته.
أثار السيد شيف هذه المسألة في مقابلة مع صحيفة “ذا بوست”، مشيراً إلى أن ترامب حاول منع شركة “AT & T” من شراء شركة “تايم وورنر”، الشركة الأم لـ “سي إن إن”، وسعى إلى رفع تكاليف الشحن في إدارة البريد الأمريكية في شركة “أمازون”، التي يمتلك مؤسسها، جيف بيزوس، صحيفة “واشنطن بوست”.
وقال السيد شيف: ربما يتم إجراء مثل هذا التحقيق إما من قبل لجنة الرقابة الداخلية أو اللجنة القضائية.
وفي الوقت ذاته، قال أحد مساعدي لجنة الرقابة في مجلس النواب: إن اللجنة تخطط للتحقيق في دور ترامب في دفع الرشاوى لشراء سكوت النساء اللواتي كان لهن علاقات غرامية معه قبل أن يفوز بالرئاسة ،حسب زعمهم .
وأرسل النائب إيلايجا كامينغز، وهو عضو ديمقراطي عن ولاية ماريلاند، الذي يتولى رئاسة اللجنة، رسالة إلى البيت الأبيض ومجموعة شركات ترامب منذ شهر مضى طالباً الحصول على وثائق تتعلق بهذه المدفوعات، وفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
ومع ذلك، لا يوجد حديث جاد حتى الآن عن أكبر التحقيقات جميعها، والتي، بموجب الدستور الأمريكي، لا يمكن أن تتم إلا من قبل مجلس النواب، ألا وهي مساءلة الرئيس.
يحافظ القادة الديمقراطيون على هذا الوضع إلى حين ينتهي التحقيق الطويل الذي أجراه السيد مولر في التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية، ويكشف عن أدلة تقود إلى الرئيس.
وهناك دعم قوي جداً في القاعدة السياسية للديمقراطيين لمساءلة الرئيس، تبعاً لاستطلاع أجرته “واشنطن بوست” في كلية شار في جامعة جورج مايسون الأسبوع الماضي، وقال 64 في المئة من الناخبين الديمقراطيين في الانتخابات النصفية: إن على الكونغرس البدء بإجراءات العزل، لكن قادة الأحزاب يحثون على توخي الهدوء حتى يتم الانتهاء من تحقيق مولر.
في غضون ذلك، يلح الديمقراطيون في مجلس الشيوخ على تمرير تشريع يمنع السيد ويتيكر من التدخل في تحقيق السيد مولر.
لكن يبدو أن السيد ترامب لديه أشياء أخرى في باله تدور حول رحلة مدتها خمسة أيام إلى باريس تملؤها التغريدات المثيرة للجدل خلال عطلة نهاية الأسبوع للاحتفال بالذكرى المئوية لنهاية الحرب العالمية الأولى.
وكان من المقرر أن يقوم برحلة بطول 50 ميلاً من باريس لتكريم التضحية العسكرية في الحرب العالمية الأولى في مقبرة أمريكية، عبر مروحية، لكنه ألغى الرحلة، بسبب “سوء الأحوال الجوية” على ما يبدو.
لكن ذلك لم يكن له وقع جيد في نشرات الأخبار حيث شوهد وصول شخصيات بارزة وقادة عالميون إلى مقابر أخرى خارج باريس، بما في ذلك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو.
ثم ألقى ماكرون خطاباً لاذعاً بالقرب من قوس النصر في باريس، وصفته التقارير الإخبارية بأنه “توبيخ قوي ضد النزعة القومية المتصاعدة، بوصفه إياها بأنها خيانة للوطنية لأن الوطنية هي عكس النزعة القومية”.
كان خطاب السيد ماكرون موجهاً بوضوح إلى السيد ترامب، الذي أعلن مؤخراً أنه “قومي”.
كما أشار السيد ماكرون إلى أنه قد تكون هناك حاجة لإنشاء “قوة دفاع أوروبية” على أثر تهديدات السيد ترامب بتخفيض الدعم المالي الأمريكي لحلف شمال الأطلسي بشكل كبير.
وإبّان ذلك، كان الرئيس يستعد إلى إعادة تغيير في إدارته، مرة أخرى، لإزالة وزير الأمن الوطني، كيرستين نيلسن، وهو “يفكر جدياً في استبدال رئيس هيئة الأركان في البيت الأبيض جون كيلي، تبعاً لصحيفة “واشنطن بوست”.
وإن لم يكن ذلك كافياً، فقد قام السيد ترامب بتوبيخ رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بسبب عدم قيامها بما يكفي لاحتواء إيران وشكك بقرارها بشأن “البريكسيت” والسياسة التجارية، وهاجم السيد ماكرون على “حصوله على معدلات موفقة منخفضة جداً في فرنسا”.
حصل السيد ترامب على تغريدة واحدة مقابل عدم حضوره في المقبرة لتكريم جنود الحرب العالمية الأولى، فقد قال وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري: “لم يحضر الرئيس ترامب بسبب تساقط قطرات من المطر؟”