فيـــــــروز الهديــــــــــة
“في مثل هذا اليوم ولدتني أمي.. في مثل هذا اليوم وضعتني السكينة بين أيدي هذا الوجود المملوء بالصراخ والنزاع والعراك” هكذا يصف الراحل جبران خليل جبران يوم مولده ليعود فيكرر كلمة الوجود بعد عشرة أعوام، متنبئاً بسرمدية أنين الناي بعد فناء الوجود، يا لك من عرّاف يا جبران، فبلحن روسي جاء مَن عَبرَ ضفاف بقاء الكلمة إلى بقاء القصيدة، إنها نهاد حداد، اسميها نهاد يا جبران.. فالفيروز في معجم اللغة حجر كريم غير شفاف وهو ما لا ينطبق على نهاد، فالأخيرة هي الحب والاحترام والجمال وكل هذه الصفات شفافة لا يمكن إلا الإحساس بها، وبعيداً عن هذه الجدلية حول الاسم دعنا نتقدم لها بهدية بسيطة “لن تصلها” في يوم ميلادها، فالهدايا الجميلة لا تصل إلى أصحابها بل تبقى في القلب أو على الورق أو ربما على الأبواب والجدران والجرائد في أحسن الأحوال، نعم لن تصل لها كما هو حال حديثي معك الآن، فأنت يا جبران وأنا نعرف جيداً أن هناك آلهة لكل شيء في الميثولوجيا كالحب والموت والبحر والزلازل والحصاد، لكن المعلومات شحيحة عن تلك التي ترعى الفقراء، أغاني فيروز يا سيدي هدايا يومية لهؤلاء الذين لا يملكون شراء الفرح، لأصحاب الأيادي الخشنة التي لا تملك سبيلاً للسعادة سوى كبس زر المذياع صباحاً والاستمتاع بما تجود به حنجرة تلك الراعية للفقراء على أقل تقدير، ولكي لا نكون سورياليين في الوصف على هؤلاء.
ثلاث وثمانون عاماً كانت فيروز شريطاً لشعر الرحابنة، كانت برعماً لمسته الريح فأبكت وأضحكت الأخطل الصغير لا حزناً ولا فرحاً.
إعداد: جمان بركات