لم يبق منها سوى العملية التسويقية..! تعويل على اعتماد القيمة المضافة كأساس للاقتصاد الوطني.. خبراء يدعون لإعادة النظر بالتكنولوجيا القائمة
لم تكن القيمة المضافة موجودة لدى الاقتصاد السوري قبل الأزمة، فالقيمة المضافة المرتبطة بالعملية الإنتاجية حينها كانت مرتبطة فقط بعملية التغليف والتسويق، وهنا يمكن القول: إن القيمة المضافة آنذاك مرتبطة بشقين اثنين، شق للشركات الإنتاجية المستوردة للمواد الأولية والتي تقوم بتعبئتها وتغليفها، “هنا تكمن القيمة المضافة”، وشق آخر مرتبط بعملية التوزيع والبيع، وخلال الأزمة أضحت أغلب الشركات تأتي بالمنتجات جاهزة من دول مجاورة، وبالتالي لم يبقَ مما يسمّى القيمة المضافة سوى عملية توزيع هذه المنتجات في الأسواق السورية، والمطلوب اليوم بعد انتهاء الأزمة تحديد الجهات التي يمكن أن تساهم في إعادة القيمة الاقتصادية المضافة ومعرفة الخطوات التي يجب أن يسير عليها اقتصادنا لتحقيق قيمة مضافة مستقبلاً.
حاضنة
تضاربت آراء خبراء الاقتصاد في تحديد القيمة المضافة لاقتصادنا السوري، إذ وجد الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية أن حوامل القيمة المضافة هي البيئة الحاضنة لقطاع زراعي عريض يمكن الاستفادة منه وبسرعة، إضافة إلى وجود أرضية جيدة بقطاع صناعي غير معقد يستطيع استيعاب مخرجات القطاع الزراعي، ويعيد إنتاجها على شكل قيم مضافة قابلة مباشرة للاستهلاك النهائي أو للتصدير موفرة القطع الأجنبي، كذلك لا يمكن أن نغفل العامل الآخر المهمّ وهو رأس المال البشري ودوره في المساهمة في إطلاق سلسلة القيم المضافة بما يحقق التعافي للاقتصاد السوري والتخلّص من آثار الأزمة.
نقاط قوة وضعف
في المقابل تحدث محمد كوسا عن القطاعات الثلاثة ودورها في إضفاء القيمة المضافة على اقتصادنا بقوله: إذا انطلقنا من حقيقة أن نشاط القطاع العام+ نشاط القطاع الخاص+ نشاط المشترك سيعطي القيمة المضافة للاقتصاد الوطني بالمعنى العام وليس بالمعنى الاصطلاحي في لغة الاقتصاديين، ففي حال نجح صانع القرار الاقتصادي في الوقوف على نقاط قوة وضعف كلّ من القطاعات الثلاثة العام والخاص والمشترك ثم عمل على الاستثمار في نقاط القوة وتجاوز نقاط الضعف، سيكون قد أرسى تلك المعادلة الأولية إلى نقطة القيمة المضافة المحقّقة، وذلك لأن طبيعة القطاع العام تختلف في جوهرها عن طبيعة القطاع الخاص من حيث الإمكانات المادية والقدرة على تحمّل المخاطر والمرونة في الإنتاج والاستجابة للتغيّرات وغيرها من خصائص العمل، فمن المعروف مثلاً عن القطاع الخاص مرونته وقدرته على التحرك بسرعة مقارنة بالقطاع العام، إذ يمكنه الاعتماد على هذه الميزة في مجال التعامل الخارجي، ولكن بالمقابل يعرف عن رأس مال القطاع الخاص عن طريق البدء بالاستثمار ولاسيما في البنية التحتية وتأمين المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج التي تسهل دخول أو عودة انخراط القطاع الخاص في حقل الأعمال بشكل يحقّق علاقة ربح متبادلة بينه وبين الدولة، ولابد من الإشارة إلى وعي الحكومة السورية لأهمية تضافر جهود العام والخاص ولاسيما في المرحلة القادمة لإعادة الإعمار، وهو ما جعلها تعمل وبوقت مبكر على السعي والمساهمة لإنجاز قانون ينظم علاقة الشراكات بين العام والخاص.
آلية تنظيمية
في المقابل لخّص لنا سامر المصطفى “دكتور في كلية الاقتصاد” أهم الخطوات التي يجب أن يسير عليها اقتصادنا لتحقيق قيمة مضافة مستقبلاً، بدءاً من إعادة النظر بالتكنولوجيا القائمة حالياً، يليها إعادة النظر بأسلوب الإدارة، ومن ثم العاملين ومستوى مهارتهم، فلابد من إخضاعهم لدورات تدريبية على جميع الآلات الجديدة حتى لو كلف ذلك إرسالهم إلى بلد المنشأ لتلك الآلات، انتهاء بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع “الجدوى المالية والتسويقية”، وتعديل التشريعات التي يجب أن تتطور لمواكبة إعادة الإعمار، فالتشريعات اليوم تُستخدم لتنظيم العملية الصناعية وليس للحدّ والمنع، فالمطلوب وجود آلية تنظيمية تفتح المجال لحريات العمل، وبالتالي لا بد من توفير بيئة استثمارية بسيطة تجذب المستثمر ولا تجعله ينفر إلى بيئة استثمارية أخرى، حيث يجب إعطاء رجل الأعمال حرية كاملة مع المحافظة طبعاً على الإيرادات والفوائد التي تكسبها الدولة.
ميس بركات