احتجاجات “السترات الصفراء” تتسع رغم دعوات ماكرون للحوار
دخلت احتجاجات “السترات الصفراء”، الغاضبون من زيادة الرسوم على المحروقات في فرنسا، يومها الخامس على التوالي في مواجهة حكومة الرئيس ماكرون، التي ما تزال ترفض العودة عن قراراتها، بل على العكس مرّر حزب الرئيس “الجمهورية إلى الأمام”، ورغم معارضة أحزاب “الجمهورية- الشيوعيين- الاشتراكيين”، بالأمس، قانوناً مثيراً للجدل “الأخبار المزيفة”، والذي يتخوف الكثير من الفرنسيين أن يتم استغلاله من قبل الساسة، للحد من حرية التعبير، وخاصة خلال الحملات الانتخابية، إضافة إلى معارضة أوروبية كبيرة لهذا القرار.. ما يوحي بأن الرئيس ماكرون وأفراد حكومته يواصلون تحدّي الشارع، وعدم الإنصات لصوت نقاباته واتحاداته العمالية.
وكان المتظاهرون واصلوا تحركاتهم عبر إقامة حواجز لإبطاء حركة السير قرب نقاط دفع رسوم الطرقات السريعة وعند الساحات في مناطق عدة، وشهدت حركة السير اضطراباً على عدة طرق عامة وعند نقطة دفع رسوم في فيرساك على الطريق بين بوردو وباريس بجنوب غرب فرنسا، ولم تتوفّر أي أرقام رسمية عن أعداد المشاركين، لكن مصدراً في الشرطة تحدث عن عشرة آلاف و500 متظاهر في جميع أنحاء فرنسا، وكان عددهم 27 ألفاً الاثنين و290 ألفاً السبت.
ويتوقّع أن تستمر الحركة في الأيام المقبلة، بينما تتزايد الدعوات على شبكات التواصل الاجتماعي إلى شل الحركة في باريس السبت، ويدعو البعض إلى “فصل ثان” يتمثّل بتظاهرة وطنية في ساحة الكونكورد في وسط العاصمة في ذلك اليوم.
وأعلن 29 ألف شخص حتى الآن نيتهم المشاركة في التظاهرة في الحدث الذي تمّت الدعوة إليه عبر فيسبوك، بينما قال 195 ألفاً آخرين: إنهم “مهتمون” به، فيما قال سكرتير الدولة لدى وزارة الداخلية لوران نونييز: إن تظاهرة السبت لن تُمنع، لكن لا يمكن تنظيمها في ساحة الكونكورد لأسباب أمنية.
وأشارت عدة استطلاعات للرأي إلى أن الحركة التي انطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي في 17 تشرين الثاني، من غير أن يكون لها قائد معروف، تحظى بتأييد 75 بالمئة من الفرنسيين.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي واجه انتقادات مباشرة في التظاهرات، الثلاثاء إلى “الحوار” لإقناع المتظاهرين بوضع حد لاحتجاجاتهم التي تشل حركة السير على الطرقات العامة، وتمنع الوصول إلى مستودعات النفط، التي تحاول قوات الشرطة فتح الطرق المؤدية إليها، فيما أكد رئيس الوزراء إدوار فيليب لنواب “الجمهورية إلى الأمام”، الحزب الحاكم “سننتصر بتماسكنا وثباتنا وتصميمنا”، بحسب ما أفاد مشاركون في اللقاء. وانطلقت التحركات بالأساس احتجاجاً على زيادة أسعار الوقود، غير أن “السترات الصفراء” وسعت نطاق مطالبها للتنديد بالنظام الضريبي بصورة عامة وبتراجع القدرة الشرائية.
وحصلت الحركة على دعم اتحاد “القوة العمالية” (فورس أوفريير) للنقل، ثالث منظمة في هذا القطاع، ودعت أعضاءها ومؤيديها إلى الانضمام إلى الحركة للمطالبة بتحسين القدرة الشرائية.
بالتوازي، وافقت الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)، أمس، على مشروع قانون حول “التلاعب بالمعلومات”، وصوّت لصالح القانون 347 نائباً (بمن فيهم الوسطيون والديمقراطيون المستقلون)، فيما صوّت ضده 204 نواب (بمن فيهم الشيوعيون والاشتراكيون والجمهوريون).
ويعطي هذا القانون الحق لهيئة الإشراف الفرنسية في وقف بث القناة أثناء إجراء الحملات الانتخابية على مختلف المستويات، إذا اعتبرت الهيئة أن بث هذه القناة يمكن أن يؤثّر على نتائج التصويت.
ريكاردو غوتييريز، الأمين العام للاتحاد الأوروبي للصحفيين، قال: “نحن في (الاتحاد الأوروبي للصحفيين) نعارض هذا القانون، الذي يبدو لنا معسّراً من الناحية النظرية والعملية، والذي وفق اعتقادي قانون يستحيل تطبيقه، فضلاً عن كونه غير عملي”، وأشار إلى أن “هذا القانون ينتهك الحقوق الأساسية التي تكفلها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تتناولها المادة 10، حرية التعبير، فلذلك يبدو لنا هذا التدبير غير متناسب”، وأضاف متسائلاً: “لا أفهم لماذا اختارت السلطات الفرنسية طريقاً قمعياً، لأن هذا القانون يخنق الحرية، فضلاً إنه تحت شعار حذف الأخبار المزيفة ستحذف معها المواقع التي تنشرها أو الحسابات في الشبكات الاجتماعية”.