وجع عقاري..!
في خضم ما تعانيه السوق العقارية -في هذه الفترة- من تخبّط غير مسبوق وتناقضات حادة أدّت إلى اختلاط المعطيات وعدم استقراء ما سيفضي إليه قطاعنا العقاري المتمرد على أدبيات السوق ومنطقها، يرى كثير من المراقبين أن ما يحصل في السوق حالياً لا يعدو أن يكون خطوة نحو إعادة التوازن والاستقرار اللذين طالما افتقدتهما السوق، فالركود الآن هو العنوان الأبرز لسوقنا العقارية، رغم تأكيدات معظم أصحاب المكاتب العقارية لزبائنهم المفترضين بأن حركة السوق معقولة مع أن الأسعار لم تشهد سوى انخفاض طفيف، في محاولة منهم بعدم إعطاء انطباع للزبائن بأن عملية شراء وبيع العقارات شبه متوقفة، فهو في النهاية باب رزقهم وعليهم –بحكم قاموسهم المهني– أن يصرّفوا ما بحوزتهم من وحدات سكنية وتجارية وأراضٍ بأية وسيلة يرتأونها!.
يمكن لأي مراقب لأحاديث سماسرة العقار عندما يخلون لأنفسهم بتبادل المعلومات حول وضع السوق ومن دون أي غرض تجاري، أن يستشفّ أن السوق قد دخلت مرحلة من الركود بعد فترة انتعاش شهدتها منذ أشهر طويلة بالتزامن مع تحسّن الأوضاع الأمنية، عازفين على وتر تحديد سقف المبيع، من خلال الترويج بأن من وصل سعر عقاره إلى أكثر من 25 مليوناً لن يتنازل عن بيعه الآن -رغم الركود- سوى قيد أنملة، حيث لا تزال تلك الأسعار محافظة –نسبياً- على السقف الذي وصلت إليه!.
تشير المعطيات الموجودة على أرض الواقع إلى أن الجمود في قطاع العقارات هو جزء من الأزمة التي تمرّ بها البلاد حالياً رغم الانفراجات الأخيرة الملحوظة، إلى جانب عوامل أخرى منها ارتفاع أسعار مواد البناء وعدم وجود أراضٍ معدّة للبناء بسبب التأخر في إصدار المخططات التنظيمية، إضافة إلى تدني قيمة القروض السكنية التي تعرضها المصارف الخاصة منها والعامة على المواطنين خاصة ذوي الدخل المحدود، مقارنة مع الأسعار الرائجة، إلى جانب الشروط التعجيزية للحصول عليها!.
يبدو أن سوقنا العقارية باتت كفيلة بالقيام بما عجزت الحكومة عن القيام به تجاهها من جهة ضبط الأسعار واستقرار السوق، وهنا نستذكر النظرية الاقتصادية الشهيرة التي تفيد بأن (السوق تضبط نفسها بنفسها)، ويمكن لأي مراقب لوضع السوق أن يتنبّأ بانخفاض شبه مؤكد –إن لم نقل مؤكداً- للأسعار بنسب عالية قد تصل إلى 15% في بعض المناطق، خاصة في ظل قلة السيولة لدى المواطنين وعدد الزبائن الراغبين في شراء العقار حالياً على أمل انخفاض مرتقب!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com