الحرية على الطريقة الإسرائيلية
أصدرت دار النشر الإسرائيلية ريسلنغ مجموعة قصص جمعت في كتاب أطلقت عليه عنوان “حرية 2018″ لخمس وأربعين كاتبة من مختلف الدول العربية من بينهن أربع كاتبات من سورية هن هيفاء بيطار وهيما المفتي وهيفاء يوسف عجيب وابتسام شاكوش وهذه القصص ترجمت إلى اللغة العبرية وقد جمعها وترجمها وأعدها الدكتور الون فراجمان منسق دراسات اللغة العربية في جامعة بن غوريون.
النصوص كتبت بعد اندلاع أحداث الربيع العربي في عام 2011 وقال الناشر في مقدمة الكتاب دون اللجوء للسياق السياسي لمصطلح الربيع العربي: ” أعتقد أن هناك ربيعاً أدبياً يجلب معه ازدهاراً متصاعداً في مختلف الإبداعات الأدبية”.
وقد اخترت الكتابة النسائية محوراً وموضوعاً بسبب تغييب أصوات النساء لسنوات طويلة.
إصدار الكتاب بدأ بالتفاعل حين دعيت الكاتبة الفلسطينية خلود خميس المقيمة في حيفا والتي تكتب باللغة الانكليزية إلى تقديم قراءة للكتاب في ندوة تنظمها دار نشر ريسلنغ, و قالت للصحافة أن ما لفت نظرها هو عدد الكاتبات من جميع الدول العربية مما أثار شكوكها حول موافقة هذا العدد الكبير على ترجمة أعمالهن و هل اخترقت حقوقهن.
و أضافت خميس: ” بالتواصل مع عدد من الكاتبات تبين أن لا علم لهن بترجمة قصصهن” فألغت مشاركتها في الندوة التي تروج للكتاب ونشرت أسماءهن على صفحتها وأخذت الكاتبات يعلن تبرؤهن من الكتاب الإسرائيلي عبر وسائل الإعلام المختلفة وتوجهت بعضهن إلى عدد من المؤسسات و الاتحادات العربية ومنها اتحاد الكتاب العرب للشكوى على هذه القرصنة الإسرائيلية كما فعلت الكاتبات المصريات: انتصار عبد المنعم وسعاد سليمان وسندس الحسيني وشاهيناز فواز.
الكاتبة الفلسطينية سلوى بنا قالت في تعليقها على الكتاب : (من يسرق وطنا لا تستعصي عليه سرقة كلمة و حضارة)
الكاتبة الجزائرية جنات بو منجل التي نشرت إحدى قصصها في الكتاب رأت أن ما فعلته دار النشر الإسرائيلية خطوة تهدف إلى إرغام الشعب الجزائري على التطبيع الإجباري.
بدورها عبرت الكاتبة الليبية نجوى بن شتوان عن رفضها للقرصنة الإسرائيلية وقالت أنها فوجئت كغيرها من الكاتبات العربيات بورود اسمها في الكتاب وأعلنت تبرؤها واستنكارها لما قامت به دار النشر الإسرائيلية معتبرة أنها سرقة أدبية ووقاحة إسرائيلية وهي ترفض التطبيع والذهاب إلى المحاكم الإسرائيلية ولذلك توجهت إلى عدد من المؤسسات والاتحادات العربية ومنها اتحاد الكتاب العرب و أضافت في تصريحها للإعلام: ” إسرائيل تعلم أن الدول العربية ضعيفة وتمر بمرحلة تحولات صعبة لكن هذا لن يجعلنا نغير موقفنا الثابت من إسرائيل وعدم التطبيع معها”.
سناء الشعلان وهي كاتبة أردنية من أصول فلسطينية علقت قائلة: ” أرفض أي تطبيع أو تعامل مع أية جهة صهيونية وأعد نشر أعمالي من قبل أية جهة من تلك الجهات عملية سطو منظم و مقصود على الفكر العربي والإبداع المناهض لاحتلال فلسطين العربية وللتطبيع مع العدو ولمحاولة طمس ملامح الثقافة العربية أو استغلالها بشكل خبيث و لئيم لأجل الإساءة للحضارة العربية والإنسان العربي”.
إذن أغلبية الكاتبات العربيات يؤكدن على رفض التطبيع مع الكيان الإسرائيلي سواء قربت المسافة الجغرافية من فلسطين أم بعدت, أما دار نشر ريسلنغ التي أصدرت الكتاب فقالت أن معظم الكاتبات لم يعلقن على نشر نصوصهن و بعضهن قلن أن دار النشر لم تأخذ موافقتهن أي أنهن موافقات ضمنياً, و هي بذلك تستمر في الكذب و الافتراء لأنها لم تلتزم بقانون حماية الملكية الفكرية, و لم تحصل على موافقة مسبقة من الكاتبات على ترجمة و نشر أعمالهن.
ولأن الكاتب و الفنان يؤثر في الرأي العام والوعي الجمعي فإن اسرائيل تعول على التطبيع مع الدول العربية من خلال الثقافة والفن وتحاول أن يكون رأس الحربة في هذا التطبيع, خاصةً إذا كان صاحب موهبة و إبداع و شهرة مثل الروائي المصري يوسف زيدان الذي صدرت روايته (عزازيل) باللغة العبرية في عام 2013, أما الكاتب علاء الأسواني فقد ترجمت روايته (عمارة يعقوبيان) إلى العبرية في عام 2016, كما ترجمت رواية الكاتب العراقي طه حامد الشبيب (ملائكة بلا رحمة) إلى العبرية في عام 2017, وهذه الروايات صدرت بموافقة كتابها ولم تكن قرصنة كما حدث مع الكاتبات العربيات وهؤلاء الكتاب يرون أنه يجب احترام حرية الإبداع والاختلاف, بينما يرد الدكتور سماح إدريس الذي يقود حملة مقاومة التطبيع بأن هؤلاء يمارسون حرية التطبيع مع إسرائيل, لا حرية الإبداع و التعبير.
إسرائيل تقول أننا على مفترق طرق بين الشرق الأوسط القديم و الجديد, و أفضل من يقود الانتقال إلى هذا الجديد هم الكتاب والفنانون و لكن إن استطاعت إغراء بعض الكتاب بالمال أو بالانتقال إلى العالمية, و الحصول على الجوائز فإن هؤلاء قلة و يقابلهم على الجانب الوطني مئات المبدعين العرب الذين يرفضون التعامل مع إسرائيل والتطبيع معها تحت أي إغراء أو تهديد.
سلمى كامل