اليمن.. مخاض الحل السياسي
تتزايد المؤشرات عن قرب إيجاد حل سياسي في اليمن ينهي العدوان السعودي الإماراتي، فالدول الكبرى استفاقت أخيراً على خبر الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الشعب اليمني مطالبة بإنهائها فوراً، وكانت البداية من تصريحات ترامب، مروراً بالحراك البريطاني، ومشروع القرار الذي طرحته لندن في مجلس الأمن الدولي، ولقاءات المبعوث الدولي مارتن غريفيث في صنعاء مع القيادات اليمنية، وليس انتهاء بتحديد السويد مكاناً لانعقاد مباحثات السلام المرتقبة بين الأطراف المتنازعة.
ولكن السؤال الأهم: لماذا الآن استفاقت هذه العواصم على ما يجري في اليمن؟ فالحرب لم تبدأ قبل شهر أو اثنين، بل تكاد تنهي سنتها الرابعة، وقوات العدوان السعودي الإماراتي لم تتوقف عن تجويع اليمنيين، وارتكاب المجزرة تلو الأخرى دون أن يهز رمش لتلك العواصم (مجزرة صالة العزاء” مثال صارخ على ذلك). إذاً، ما الهدف من هذا التحرّك؟ هل هو فقط لإيجاد مخرج لآل سعود، ولا سيما بعد جريمة الخاشقجي؟.
لا شك أن التاريخ سيسجل أن الحرب على اليمن والجرائم التي ارتكبها النظام السعودي ومرتزقته هي الأفظع والأبشع، ولكن استمرار هذه الحرب العبثية سيزيد من الضغوط على واشنطن وحلفائها، وبالتالي سعيها اليوم لإنهاء الحرب هو للتخفيف من الأصوات التي بدأت تتعالى في الداخل الأمريكي بضرورة وقف تزويد الرياض بالأسلحة، (دعوة نواب ديمقراطيين وجمهوريين لمناقشة قضية حرب اليمن في الكونغرس) كما أن تورّط ولي عهد النظام السعودي في جريمة الخاشقجي، زاد من الضغوط أيضاً، وعليه فقد وجدت إدارة ترامب في إنهاء الحرب على اليمن فرصة للنظام السعودي لالتقاط الأنفاس، والادعاء بأنه عازم على إيجاد مخارج للأزمة اليمنية.
ومن ناحية أخرى وكون الحرب على اليمن قد تمّ الإعلان عنها من واشنطن وليس من الرياض – بيان الجبير المشهور- فإن الأهداف الأمريكية يبدو أنها وصلت إلى مبتغاها الحقيقي من قرب السيطرة على الممر الاستراتيجي باب المندب والتحكّم بطرق التجارة الدولية (25 % من التجارة العالمية يمر من خلاله)، وزرع قواعد عسكرية دائمة بغطاء سعودي وإماراتي في أهم الجزر اليمنية (سوقطرى – ميون) والأهم هو تأمين طريق بديل للنفط السعودي عبر مد أنابيب في مدينة المهرة تحسباً لأي إغلاق لمضيق هرمز، وربما الأخطر هو تكريس تقسيم اليمن بين جنوبي وشمالي وغيرها من التقسيمات المهدّدة لوحدة اليمن.
وعليه فإن الحل السياسي الذي تسعى إليه واشنطن وحلفاؤها هو ذاته هدف العدوان الذي انطلق في 25 آذار 2015 من دون أي تعديل، ومحاولة لكسب الوقت، وتلميع صورة النظام السعودي في العالم، والوصول لتحقيق أهداف قوى العدوان من خلال طاولة المفاوضات، وهذا بالتأكيد لن يمر على الشعب اليمني، فقيادته السياسية، الممثّلة بحكومة الإنقاذ في صنعاء، كانت واضحة بأن أي قرار سيتم إقراره في مجلس الأمن الدولي أو دعوة لمباحثات لا تلبي تطلعات الشعب اليمني، ولا ترقى إلى حجم المعاناة التي يقاسيها، ولا تعكس المتغيّرات الجديدة، لن تساهم في إحلال السلام، ولكي لا يتم تحميلها مسؤولية فشل الجهود الدولية أعلنت عدم إطلاق الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة على السعودية والإمارات كبادرة حسن نية، ولكن هل أوقف النظام السعودي عدوانه على المدن اليمنية؟، بالتأكيد لا.
والحال فإن الحل السياسي الذي يترقبه اليمنيون هو الحل الذي ينهي معاناتهم، ويضمن حقوقهم وسيادة دولتهم موحّدة كاملة غير منقوصة.
سنان حسن