مؤيدو إسرائيل يهيمنون على الكونغرس
أظهرت لوحة النتائج المفصلة لمرشحي مجلسي الشيوخ والنواب في الانتخابات النصفية الأمريكية الأخيرة أن 28 لجنة من “لجان العمل السياسي” المؤيدة لـ “إسرائيل”، والعديد من الشخصيات المؤيدة لها، قدّمت ملايين الدولارات كمساهمات لإيصال مؤيديهم إلى الكونغرس، وهذه اللجان نفسها قدّمت 29 مشروع قانون وقرار لصالح “إسرائيل”، بعضها صاغته علناً لجنة العلاقات العامة الأمريكية-الإسرائيلية، بينما أصدرت عشرون من تلك اللجان قانوناً أو بياناً مسجّلاً، وتمّت الموافقة على بعضها بالإجماع.
وبحسب الإحصائيات فقد تلقى ما يزيد على 80 من المتنافسين في الكونغرس تبرعات من أحد الأحزاب المؤيدة لـ “إسرائيل” على الأقل، ومنهم من تلقى تبرعات من أكثر من حزب، كما تظهر لوحة نتائج الانتخابات النصفية، أن اللوبي الإسرائيلي أحكم سيطرته على الكونغرس.
منظمة “ذا أمريكان نيو”، غير الحزبية، تطرّقت، وبشكل مفصّل، للمساعدات العسكرية لـ “إسرائيل”، وخاصة مذكرة التفاهم التي وقّعها الرئيس أوباما، التي كان وعد من خلالها الكيان الصهيوني بتقديم 38 مليار دولار مساعدات على مدى عشر سنوات، وهذا المشروع معروض حالياً على الكونغرس، ويعتبر أكبر حزمة مساعدات في تاريخ الولايات المتحدة، وفاق حتى المساعدات العسكرية الأمريكية المقدّمة لكافة دول العالم الأخرى مجتمعة. هذه المساعدات لا تأتي فقط من الميزانية العامة للدولة، فهي تتأتى من جيوب دافعي الضرائب الذين يوفّرون في الوقت الحالي قرابة ربع ميزانية الحرب السنوية الإسرائيلية.
وبالنظر إلى التشريعات الأمريكية نجد أن ستة تشريعات تعلن دعم الكونغرس “لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس” ضد الشعب الفلسطيني، كما أن هناك ستة تشريعات أخرى تصدّت لإجراءات الأمم المتحدة التي سعت لضمان حقوق الفلسطينيين.
وبالعودة إلى لوحة نتائج الانتخابات النصفية، فهي تتضمن أحد عشرة رسالة مفتوحة، بعضها وجهتها لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، إلى الرؤساء وغيرهم من القادة المؤثرين، وقد أقرّت ست من هذه الرسائل سياسة مؤيدة لإسرائيل، ووقع عليها عدد كبير من المشرعين، كما تشير لمرشحي الانتخابات الأخيرة الذين تلقوا تبرعات لحملتهم الانتخابية من لجان الدفاع المؤيدة لـ “إسرائيل”، والتي بلغت ما يزيد عن 2.2 مليون دولار للدورة الانتخابية لعام 2018، كما تلقى ثلاثة عشر عضواً من أعضاء مجلس الشيوخ، وأربعة عشر ممثلاً، أموالاً، أو تأييداً من خمس أو أكثر من لجان الدفاع المؤيدة لإسرائيل، والتي تستخدم أسماء مموّهة، مثل: “الأمريكيون المتحدون لدعم الديمقراطية”، و”الأمريكيون من أجل حكومة جيدة”، و”لأننا نهتم”.
ويشير برنامج “أسرار مفتوحة” إلى أن جماعات المكرّسة للقضايا الدولية ضئيلة العدد، إلا أن هناك مجموعات نشطة للغاية، وممولة بشكل جيد مثل “اللوبي الإسرائيلي”، وبحسب هذا البرنامج فقد نجحت قوة مؤيدة لـ “إسرائيل” في رسم دور مؤثّر في الحملات الأمريكية، على هيئة لجنة عمل سياسي لـ “شيلدون أيدلسون”، وقد حققت مساهمات أيدلسون في الحملات السياسية الوطنية في عام 2018 وحدها ما يزيد عن 113 مليون دولار لدعم مرشحي الحزب الجمهوري وحتى المحافظين.
يضاف إلى ذلك، فإن لوحة النتائج تشير إلى أن عدداً كبيراً، (410 شخصاً) ممن يشغلون مناصب مهمة في المجلسين، قد صوّتوا لصالح “إسرائيل” في غالب الأحيان: 355 عضواً في الكونغرس (87٪) أيدوا “إسرائيل” بمعدل أعلى من 70٪، و63٪ من أعضاء مجلس النواب الحاليين (240 من 378) حصلوا على 100٪ من الأصوات المؤيدة لـ “إسرائيل” – 74٪ من هؤلاء (177) كانوا جمهوريين، وقد حصل أحد أعضاء مجلس الشيوخ المؤيدين لـ “إسرائيل” على نسبة 100٪، 78٪ من أعضاء مجلس الشيوخ الحاليين (25 من 32) حصلوا على تصنيف 80٪ أو أعلى، وستة من هؤلاء كانوا جمهوريين.
في مقابل كل ذلك، نظر الكونغرس في جزء واحد فقط من تشريع مؤيد لفلسطين خلال العقد بأكمله، حيث عرض النائب بيتي مكولوم حملة “ليست هذه طريقة لمعاملة الطفل”، التي حصلت على 7٪ فقط من دعم الكونغرس (29 من الرعاة المشاركين).
وبحسب تعبير حملة “ليست هذه طريقة لمعاملة الطفل”، “اكتسبت إسرائيل تميزاً مريباً، لأنها “الدولة” الوحيدة في العالم التي تحاكم بشكل ممنهج ما بين 500 و700 طفل في المحاكم العسكرية كل عام.
إن سوء معاملة الأطفال (وكذلك البالغين) في نظام الاحتجاز العسكري الإسرائيلي “منتشر على نطاق واسع وممنهج ومؤسساتي”، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، ولكن على الرغم من تجاهل “إسرائيل” الموثق للقانون الدولي الإنساني، فإن 29 فقط من أعضاء الكونغرس (7٪) وقّعوا على مشروع القرار4391، أي أنه مهما تبدلت الشخصيات تبقى اللوبيات الصهيونية هي المؤثرة في أمريكا لجهة صنع أي قرار.
سمر السمارة