رفض شعبي واسع في تونس والجزائر وموريتانيا ومصر لزيارة ابن سلمان
تواصلت في تونس والجزائر وموريتانيا الاحتجاجات الشعبية على زيارة ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان، مؤكدة رفضها أن تكون هذه الزيارة محطة لتلميع ابن سلمان وإعادة تأهيله على المستوى الدولي، بعد أن تلطخت يداه بدماء الملايين من الأبرياء في اليمن وسورية وغيرهما.
ففي تونس وجّهت نقابة الصحفيين رسالة مفتوحة إلى الرئيس الباجي قايد السبسي تطرّقت فيها إلى ما ترتكبه الطائرات السعودية من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة في اليمن، كما اعتبرت أن الجولة ترمي إلى تبييض سجل ابن سلمان الدامي على خلفية تورّطه في جرائم بشعة آخرها اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، معتبرة أنّه يشكّل خطراً على الأمن والسلم وأنه عدوّ حقيقي لحرية التعبير.
بدوره، أكد الأمين العام المساعد للاتِّحاد العام التونسي للشغل محمد علي بوغديري أن فلسطين تبقى القضية الأم بالنسبة للشعب التونسي، مشدّداً على تواصل المطالبة بتجريم التطبيع.
من جهته، قال رئيس الهيئة الوطنية لمناهضة التطبيع والصهيونية ودعم المقاومة أحمد الكحلاوي: “إن السعودية تتحمّل مسؤولية الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب اليمني والشعب السوري”، مشيراً إلى أن الدور السعودي في المنطقة هو حرف البوصلة عن مخططات ومشاريع العدو الصهيوني، واعتبر أن “زيارة ولي العهد السعودي إلى تونس يجب أن تكون فرصة لرفع المواجهة مع هذا النظام الوهابي”.
وقرّرت مجموعة من الفنانين والمثقفين “رفع قضية مستعجلة لدى المحكمة الإدارية لمنع زيارة ابن سلمان، المتهم بقتل وتقطيع الصحفي خاشقجي وفظائع أخرى”.
وفي المواقف أيضاً، أعرب الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي عدم رغبة تونس الترحيب بزيارة ابن سلمان إلى البلاد، بقوله: “نحن نرفض أن تكون تونس إحدى محطات جولة ولي العهد السعودي”، معارضاً قرار الرئيس التونسي دعوته لزيارة تونس، ولافتاً إلى أنه “يُراد إعادة تأهيل ابن سلمان من خلال جولته على العديد من الدول العربية”، مشيراً إلى أن “من يريد استقبال ابن سلمان سيدفع ثمن ما تبقى من شعبيته في الشارع التونسي”.
بدوره، أكد الأمين العام لحزب التيار الشعبي التونسي زهير حمدي، أن الشعب التونسي موحّد حول عدم الترحيب بابن سلمان، وقال: إن “هناك دولاً إضافة إلى السعودية فرضت على تونس زيارة ابن سلمان”، واعتبر أن “النظام السعودي هو ركن أساسي في حلف أعداء الأمة”، مشيراً إلى أنه “يبيد شعباً بأكمله في اليمن ويرتكب الجرائم وسط صمت عالمي”، وأنه “خرج عن كل الحدود المعقولة وتونس لن تكون ملاذاً لغسل الإرهاب”، رافضاً أن تكون تونس “جزءاً من عملية تبييض صورة ابن سلمان”.
وفي موريتانيا، أكد رئيس حزب الرفاه محمد ولد فال أن الموقف الشعبي يرفض زيارة ابن سلمان إلى موريتانيا، ورأى أن “النظام السعودي سيفشل في تبييض صورة ابن سلمان من خلال زياراته الخارجية”، مؤكداً “أن الموقف الشعبي أصبح يرفض أي تعاطف مع السعودية بعد قتل خاشقجي وتقطيعه”، وأشار إلى أن هناك دعوات من أحزاب سياسية والعديد من الشخصيات الثقافية لمقاطعة زيارة ابن سلمان إلى نواكشوط.
الصحفي الموريتاني أبو معتز الجيلاني أكّد أن شعوب دول المغرب العربي اعتبرت الإعلان عن زيارة ابن سلمان استفزازاً.
وفي الجزائر، أعرب حقوقيون جزائريون عن رفضهم زيارة ابن سلمان لبلادهم، ووصفوها بالتطبيع غير المباشر مع (إسرائيل).
وخلال لقاء احتجاجي أدانت أحزاب سياسية وشخصيات حقوقية ما وصفته بسقوط بلدان عربية في وحل التطبيع مع الكيان الصهيوني، فقد أكّد الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني للشبيبة في الجزائر وليد بن قرون، أن زيارة ولي عهد النظام السعودي للجزائر غير مرحّب بها على أساس قتل الشعب اليمني وتدمير المنطقة.
من جهته، أكد المجاهد الجزائري لخضر بورقعة، أن الموقّعين على الرسالة الداعية لعدم استقبال ابن سلمان بصدد جمع مليون توقيع جزائري ضد الزيارة، مضيفاً: إن الرسالة سيتم توجيهها للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، مشدّداً على أن التحرك ضد الزيارة “سيتواصل، وهي معركة مستمرة ضد التطبيع”.
وفي القاهرة ندّد صحفيون مصريون بالزيارة المقرّرة لولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان إلى مصر، مؤكدين أنه غير مرحب به، وأن مكانه أن يودع قفص الاتهام بمحكمة دولية، وقال الصحفيون المصريون في بيان وقّعوا عليه: “إن النظام السعودي يهدر القيم الإنسانية، وفي مقدمتها الحق في الحياة، سواء لمواطني بلاده أو للمصريين وغير المصريين العاملين على أراضي السعودية، التي هي بلد لا يحكمه القانون ولا يتمتع بنظام قضائي مستقل موثوق في إعماله مبادئ العدالة، بل يتستر بالإسلام والشريعة للعصف بالحريات والحقوق ولتبرير ارتكاب الفظاعات المنافية للحقوق الأساسية للإنسان”، مضيفين: “لا أهلاً ولا مرحباً بولي العهد السعودي في مصر”.
ولفت البيان إلى جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، موضحاً أن “هذه الجريمة واضحة ومكتملة الأركان ويتحمّلها النظام السعودي من الألف إلى الياء.. والإصرار على إفلاته من المسؤولية ومعه الأسرة المالكة وخاصة محمد بن سلمان يستوجب من الصحفيين في مصر وكل أنحاء العالم إدانة هذا النظام بكامله وولي عهده واعتبارهم على رأس قائمة أعداء حرية التعبير والصحافة في العالم”.
وأشار البيان إلى أنه لم تكن مصادفة أو زلة لسان أن يشير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في دفاعه عن جرائم آل سعود وخاصة محمد بن سلمان إلى أنه “لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة كبيرة”، وليس مصادفة أيضاً أن يدافع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن ابن سلمان وجرائمه على هذا النحو، وليس خافياً على أحد جرائم السعودية وحلفائها باليمن، حيث تسببت في موت طفل كل عشر دقائق، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وتمنى الصحفيون الموقّعون على البيان أن يحذو مجلس نقابتهم حذو الموقف النقابي والمهني والإنساني المحترم لنقابة الصحفيين التونسيين، التي استنكرت زيارة ولي عهد النظام السعودي لتونس.
وشدد الصحفيون، وهم أعضاء في نقابة الصحافيين المصريين، على أنه لا يجب أن تمر زيارة متهم بقتل صحافي إلى مصر دون موقف، داعين الصحفيين في مصر وكافة أنحاء العالم إلى إدانة النظام السعودي بكامله “لأنه عدو الحرية”.
وبذلك انضم الصحفيون المصريون إلى أحزاب وشخصيات حقوقية ونشطاء تونسيين وجزائريين وموريتانيين أعربوا عن رفضهم زيارة ابن سلمان إلى بلادهم، ووصفوها بالتطبيع غير المباشر مع “إسرائيل”.
ومن المقرّر أن يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ابن سلمان اليوم الاثنين في قصر الاتحادية في القاهرة، على أن يتابع زياراته لدول المغرب العربي ويزور كلاً من تونس والجزائر وموريتانيا.