بمقدار ما يُعطى يُنتِج!
وضع البنية التحتية في بلادنا لا يسر، في وقت تتحدث فيه الفعاليات الاقتصادية العامة والخاصة عن انطلاقة تنموية حشدت لها كل الجهود والإمكانيات اللازمة للبدء بها وتحديداً على الصعيدين الزراعي والصناعي!.
فإذا ما أرادت الحكومة بالفعل تصويب مسارات التنمية فعليها البدء بإعادة تأهيل البنية التحتية برمتها، بحيث تستوعب ما تتحضر له من استقبال لاستثمارات طموحة، فإعادة تأهيل الشوارع وتوسيعها ورفد أسطول النقل الداخلي بباصات حديثة –على سبيل المثال لا الحصر- لا تقلّ من حيث الأهمية أبداً عن إعادة تأهيل مطار دمشق الدولي باعتباره بوابة سورية ورفد السورية للطيران بأسطول جوي حضاري.
كما أن ضمان إيصال التيار الكهربائي إلى المستهلك بانتظام، يجب أن يكون أولوية قبل تأمينه للمستثمر، مثلما ترميم المباني والبيوت يوازي بالضرورة ترميم المصانع والمنشآت الإنتاجية، فتأمين البنية التحتية للمواطن وتأمين سبل العيش الكريم له، مقدمة حتمية لتسريع عجلة الإنتاج، كون أن هذا المواطن هو أساس التنمية الحقة بشكل أو بآخر، وبمقدار ما يُعطى يُنتِج!.
وفي السياق نفسه نجد أن كثيراً من دول العالم اعتمدت البنية التحتية أساساً للتنمية وعنصراً لا بد منه لجذب الاستثمارات، وإذا ما أسقطنا هذا الأمر على واقعنا، سرعان ما سنلحظ أن شق أتوستراد دمشق – درعا خلال ثمانينيات القرن الماضي، أنعش الواقع التنموي -ولو نسبياً- في المناطق التي يمرّ بها، وبالتالي فلنا أن نتصوّر ما قد يحدثه العمل باتجاه تطوير الواقع البنيوي لبادية الشام التي لا تزال خارج إطار مفهوم التنمية الوارد بقواميس التنمية العالمية. وإذا ما علمنا –مثلاً- أن هذه البادية هي البيئة الأكثر ملاءمة لتربية الخيول العربية الأصيلة، والمكان الأنسب لزراعة شجيرة الجاتروفا التي تدخل زيوتها بإنتاج الطاقة البديلة، فنحن إذاً أمام مقومين تنمويين “سياحي وطاقوي” يستحقان تأمين البنية التحتية لاستثمارهما على أكمل وجه، إما من قبل المستثمرين المحليين، أو من خلال جذب نظرائهم الأجانب!.
ويبقى أن نشير –ختاماً- إلى أن اعتماد اليابان لمصابيح الإنارة الزرقاء بشوارعها لم يكن من باب العبثية أو الاستعراض الإعلامي للفت الانتباه، بل بناءً على دراسة أفضت إلى ما تسبّبه هذه الإنارة من انعكاسات إيجابية على نفسية المواطن وهدوء أعصابه، فهذا البلد طالما اجتهد باتجاه العمل على تطوير البنية البشرية مادياً ومعنوياً، بالتوازي مع تأمين متطلبات العيش الكريم، لتكون النتائج معروفة وواضحة لعيان القاصي والداني!!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com