تصويب المسار
القول إن الجولات الميدانية والتفقدية تفي بالغرض وتؤتي ثمارها، قد يكون مقبولاً إلى حد ما ولفترة محدودة ينتهي أثرها وتأثيرها مع نهاية الجولة والتي غالباً ما تكون أي (الجولة) معدة مسبقاً ومقولبة وفق ما يريده ويراه المسؤول المباشر أو رأس الهرم التنفيذي والإداري، وهو ما يتوافق في المحصلة مع مفردات الخبر الصحفي الذي يعده ويسوقه عادة “المكتب الصحفي” للوسائل الإعلامية بمختلف أشكالها دون الحاجة إلى دعوة ممثلي الإعلام للمشاركة في الجولة أو في أي فاعلية لرصد ما أنجز على أرض الواقع وكشف حالات الخلل والقصور إن وجدت.
وفي الواقع ما يحدث في حلب من تجاهل متعمد لأهمية دور الإعلام كشريك في عملية الإعمار والبناء والتنمية، وإسناد المهام للعاملين غير المختصين في ما يسمى “المكاتب الصحفية” أو “مكاتب العلاقات العامة” وبعض المفاصل المحدثة، خلق عقدة إضافية وشرخا كبيرا في العلاقة المباشرة بين المسؤول والإعلام والتي لم تكن يوماً إلا مهزوزة وغير متوازنة بالنظر إلى فقدان الثقة بين الطرفين نتيجة إصرار البعض على تحويل الإعلامي إلى ناقل للخبر وليس صانعاً له.
ولعل ما يثير التساؤل في هذا المشهد والنموذج اللامثالي، هو ما القصد والمسعى من تهميش وتقزيم دور الإعلام، ولماذا هذا الجفاء والذي تحول في بعض الأحيان إلى عداوة نجم عنها ردات فعل سلبية شابها الكثير منها المعوقات والشكوك وسوء الظن، وبالتالي جعلت الفرصة غير ممكنة ومتاحة لتأدية المهام المنوطة بالعمل الصحفي الوطني.
وبعيداً عن التعميم وإطلاق الأحكام، نجد من الضرورة إعادة تقييم الموقف وتبيان مواطن الخلل في هذه العلاقة بمنأى عن الحساسية المفرطة، وبالتالي العمل على إنتاج علاقة جديدة مبنية على المصداقية والثقة المتبادلة خاصة في هذه المرحلة الدقيقة والتي تستدعي شراكة قوية ومتينة، وإيجاد صيغ عمل منفتحة تطوي ( عصر الأبواب المغلقة ) وتمنح الفرص الحقيقية لإنجاح مهمة الإعلام الوطني، بما يتوافق مع احتياجات ومتطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية.
ما نود الإشارة إليه إلى أن العمل الإعلامي في حلب ليس على ما يرام ويشوبه الكثير من المنغصات والتي تجعل الفرصة مهيأة أكثر لتمدمد الدخلاء على هذه المهنة من بوابة ومفرزات “الأزمة”، وهو ما يدفعنا إلى تجديد المطالبة بتصويب وتصحيح مسار العمل الإعلامي في إطاره المهني وشروطه ومعاييره الوطنية والقانونية بعيداً عن البهرجة والمنظرة والنفاق والتملق وخدمة المصالح الفردية والضيقة.
خلاصة القول: لم يعد مقبولاً حال الشطط والفوضى في المشهد الإعلامي والتبريرات غير المقنعة وبالتالي لا بد من وضع الأمور في نصابها وإجراء عملية فرز وغربلة تعيد تنظيم وهيكلة هذا القطاع المهم والحيوي على نحو يعيد تفاعله المطلوب كداعم لعملية النهوض والبناء المنشودة.
معن الغادري