من يُصدّق التجار..؟!
صدقنا التّجار بتبريراتهم خلال السنوات الأولى للحرب على سورية بأن الدولار سبب الارتفاع الجنوني للأسعار، وصدقناهم إلى حدّ ما بتأكيداتهم أن الأسعار ستنخفض مع تحسّن سعر صرف الليرة!.
ولكن مع استقرار سعر صرف الدولار خلال العامين الماضيين واقتراب السعر الأسود من الرسمي لم تنخفض الأسعار بالنسب نفسها التي انخفض فيها سعر الصرف.. فلماذا؟.
استنتجنا بسهولة أن التّجار لا يصدقون بأقوالهم أبداً، بل رأيناهم نسوا تماماً أسطوانة الدولار، وكأنهم توقفوا عن التعامل معه واقتصروا في تعاملاتهم الخارجية على الليرة السورية؟. وبرّروا خلال العامين الماضيين استمرار ارتفاع الأسعار بارتفاع تكاليف الشحن بين المحافظات بسبب الظروف الأمنية واستخدام طرق طويلة!، وكدنا أن نصدّقهم رغم الشك الذي راودنا بتبريراتهم بعد تجربتنا معهم حول الدولار!.
وكان شكّنا في محله تماماً، فأسعار السلع والمواد لم تنخفض بعد تحرير الطرقات من الإرهابيين وإعادة تأهيلها ووضعها في خدمة ناقلات البضائع.. فلماذا..؟.
لم يُقدّم التّجار تبريراً واحداً لعدم انخفاض أسعارهم بعد اختصار المسافات والزمن، وتجاهلوا الأمر وكأنّ الأوضاع لا تزال كما كانت في السابق، فمن أدمن على شفط المليارات لن يرضى بخفض أرباحه، سواء تحسّن سعر صرف الليرة أم انخفضت أجور الشحن!!.
وعندما يواجههم الوزير المختص بالحجج المقنعة كي يخفضوا أسعارهم يتذرعون بأسباب أخرى يرفضون إثباتها، وهي “النفقات الجانبية”ويقصدون بها “الرشاوى” لتخليص بضاعتهم!.
ومن المؤسف أن غرف التجارة تجاريهم في هذا الأمر، فتشكّك بنزاهة الجمارك وعناصر الرقابة، بل وتتخذ من ذريعة “النفقات الجانبية” ذريعة لرفض تطبيق نظام الفوترة!.
نستنتج من أقوال التّجار التالي: لا تحسّن القوة الشرائية لليرة، ولا استقرار أسعار صرف الدولار سيؤديان إلى انخفاض أسعار السلع والبضائع!. على العكس تماماً، ما إن ارتفع سعر الدولار خلال الأيام الماضية حتى سارع التّجار إلى رفع الأسعار، وكأنهم يشترون بضاعتهم من الأسواق الخارجية يوماً بيوم!.
وما يثير الريبة أن غرفة تجارة تمنّن المواطن بأن الأسعار في سورية أرخص من أسعار الدول المجاورة وخاصة ما يتعلق بالمواد الأساسية، ترى هل هذه دعوة لحث الجهات الرسمية لرفع المواد الأساسية.. أم ماذا؟!.
بعد كل ذلك نسأل: من يُصدّق التّجار؟!..
وبالمختصر المفيد: المواطن لم ولن يُصدّق التّجار ولا يثق بأقوالهم، وهو على يقين تام بأنهم لن يخفضوا الأسعار حتى لو دعمتهم الحكومة بمازوت نقل بضائعهم وأعفتهم من الضرائب، لكنهم على استعداد كامل لرفعها فور تذبذب سعر الدولار لصالحهم، كما حصل في الأيام الأخيرة!!.
علي عبود