قمة العشرين في الأرجنتين تحديــــات غيـــر مسبوقـــــة
تواجه قمة دول مجموعة العشرين، التي تعقد يومي الجمعة والسبت المقبلين في الأرجنتين، تحديات كبيرة قد تغيّر ليس فقط محاورها الرئيسية وأجندة قادتها، بل ومسارات السياسة الدولية لأعوام قادمة، وأغلب القضايا المتداخلة، التي يتوقّع أن تبحثها القمة، مدرجة في سياق المنافسة بين الولايات المتحدة وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والصين من جهة أخرى، إذا ما استثنينا قضية الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي الذي قُتل في اسطنبول.
وتتضارب الأنباء حول عقد لقاء بين الرئيسين بوتين وترامب خلال القمة، وهل سيستغرق وقتاً طويلاً أو يكون عابراً، إذ أكد الكرملين أن التحضيرات للقاء لا تزال جارية، فيما لم يستبعد الرئيس الأمريكي احتمال إلغائه على خلفية احتجاز البحرية الروسية السفن الأوكرانية إثر انتهاكها المياه الإقليمية الروسية قرب مضيق كيرتش الأحد الماضي.
يضاف إلى ذلك فإن مصير معاهدة إزالة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، في ضوء عزم واشنطن الانسحاب منها، يهدّد بتعطيل معاهدة “ستارت الجديدة” الأمريكية – الروسية للعام 2010 حول التخفيض المتبادل لترسانات الأسلحة النووية الاستراتيجية، وتحديداً الرؤوس الحربية الهجومية، إذ يستحيل تمديدها، ما سيضع العالم أمام سباق تسلح جديد.
والسؤال الرئيس: كيف سيتصرّف رؤساء دول وحكومات القوى العشرين الأولى في العالم تجاه ابن سلمان على خلفية اغتيال خاشقجي على يد فريق أمني سعودي داخل قنصلية بلاده باسطنبول، وتؤكّد الإدارة الأمريكية أن ترامب لن يلتقي ولي عهد النظام السعودي في الأرجنتين، رغم أن الرئيس الأمريكي حسم أمره، وأقر بعدم ضلوع بن سلمان في القضية، وعليه اتخذ قراراً بعدم مراجعة العلاقات مع السعودية، الحليف الرئيس للولايات المتحدة في المنطقة، في المقابل يصرّ عدد من الدول الأخرى على ضرورة إجراء تحقيق دقيق لاستجلاء الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن الجريمة أياً كانوا، وصولاً إلى فرض عقوبات على السعودية.
ومن المفترض أن يجري الرئيس الأمريكي محادثات مع نظيره الصيني شي جين بينغ في اللقاء الثاني المهم في قمة العشرين، وسيناقشان الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وحلحلة المباحثات الثنائية المجمدة منذ أيار الماضي حول كيفية معالجة المشكلة، في ظل تهديد الإدارة الأمريكية بفرض رسوم جمركية إضافية على السلع الصينية بقيمة 267 مليار دولار إذا فشل الطرفان في إبرام صفقة جديدة خلال القمة.
وإذا لم يتمّ التوصل إلى اتفاق بين أكبر اقتصادين في العالم، فستدخل الحرب التجارية بين البلدين مرحلة تصعيد أخطر من سابقتها، لا بد من أن تؤثّر على بقية دول العالم، التي ستواجه خطر تشتت التجارة الإقليمية والعالمية على حد سواء وظهور “ستار حديدي عالمي” وركود اقتصادي طويل بدءاً من نهاية 2019، وبداية 2020.
هذا وتبدأ قوات الأمن في الأرجنتين بإغلاق العاصمة بوينس آيرس، اليوم، مع وصول رؤساء أكبر 20 دولة اقتصادية في العالم، للمشاركة في القمة، وتقرّر تحويل جميع الرحلات الجوية عبر العاصمة الأرجنتينية، كما ستلغى جميع وسائل النقل العام من قطارات ومترو أنفاق، طوال فترة انعقاد القمة، والتي ستنطلق غداً الجمعة.
وأعلنت السلطات في الأرجنتين أن يوم الجمعة عطلة رسمية، وشجّعت حكومة اليمين المتوسط، التي يرأسها الرئيس ماوريسيو ماكري، سكان المدينة على المغادرة خلال القمة، فيما قالت وزيرة الأمن باتريشيا بولريتش: “نوصيكم باستغلال عطلة نهاية الأسبوع الطويلة للمغادرة.. غادروا لأن المدينة ستكون معقدة للغاية”، وأضافت: “ستغلق مناطق كثيرة، لأن الإجراءات الأمنية ستكون معقدة وقاسية للغاية، وسنتخذ قرارات فورية، إذا كان هناك أي عنف، لأننا لن نسمح بذلك”.
وأوقفت حركة النقل العام في العاصمة وضواحيها، مروراً بأجزاء من منطقة بوينس آيرس الكبرى، وهو ما يؤثّر على مجموع سكانها البالغ عددهم 12 مليون نسمة، فيما سيشارك نحو 22 ألفاً من أفراد الشرطة في تأمين العاصمة خلال القمة.