الأمل معقود على أن يترافق تطوير الأداء مع تغيير الأسماء
كان وما زال المواطن السوري يترقب بأمل وتفاؤل جميع ما يصدر عن السيد الرئيس عبر عشرات المراسيم التشريعية التي ترجمت تطلعاته في القسم الدستوري الأول الذي تلاه في 17 تموز عام / 2000 /، وتطلعاته اللاحقة في كل قسم أداه عقب كل انتخاب جديد له وفي كل حديث أدلى به، إذ لم يعتد المواطن أن يجد في مراسيم وأقوال السيد الرئيس ما لا يريحه، ودائماً جاءت ممارسات السيد الرئيس الميدانية مطابقة وبكل مصداقية لمراسيمه وأقواله، ومحطّ اعتزاز وتقدير كل مواطن شريف، إذ كثيراً ما أثبت –كما وعد في خاتمة قسَمِهِ الأول- أنه بين الناس ومعهم في الشارع والحقل والمتجر والمدرسة والمتنزه والمعمل والوحدة العسكرية المتدربة والمقاتلة، يشدّ عزيمة من يتواصل معهم ويتعلم منهم.
خلافاً لذلك، يكاد يكون من المجمع عليه شعبياً، أن الحكومات المتعاقبة – بإداراتها الكبرى والصغرى- لم تتقن مواكبة السيد الرئيس في تطلعاته المنشودة، بدليل الحاجة التي ظهرت لإعادة تشكيل هذه الحكومات لمرات عدة خلال العقدين الأخيرين، علماً أن التغيير المتعاقب الذي طالها لم يثمر عن أدائها لأهم المهام التي أوكلت لها، فدائماً كان عطاؤها أقل مما هو مأمول منها شعبياً وأدنى مما هو مطلوب منها رسمياً، وغالباً ما ظهر أن أداء كل تشكيلة حكومية أو إدارية جديدة، ترافق بأداء يغاير بشكل ملحوظ الأداء الذي قامت به التشكيلة السابقة، أكثر مما جاء تحديثاً وتطويراً لما تم من أداء، انسجاماً مع منهجية التحديث والتطوير المنشودة، بل وكثيراً ما أغفلت الوفاء بكثير من الوعود التي أطلقتها هي بالذات، ما استدعى أن يقرّ السيد الرئيس تشكيلة وزارية جديدة بعد فترة قصيرة من تشكيل سابقتها وبصيغ جديدة.
فجميعنا رأى أن التشريع الذي سبق أن فصل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى وزارتين، وتكليف وزيرين بدلاً من وزير، ومدراء مركزيين وفرعيين، ومن ثم إعادة دمجهما بوزارة واحدة، لم يثمر عن أداء أفضل، بل كان بمثابة تغيير لم يثمر عن أي تحديث أو تطوير، والحال نفسها بالنسبة للفصل والضم وتسمية الوزراء والمدراء، والذي حصل بين وزارتي الإدارة المحلية والبيئة، والأمر نفسه بخصوص الفصل والضم الذي حصل بين وزارتي التموين والتجارة الداخلية، والاقتصاد والتجارة الخارجية، ومثيله الذي حصل بخصوص الضم أو الفصل بشأن العديد من الشركات الإنشائية العامة، لا بل كثيراً ما تبيّن حدوث بعض التراجع في الأداء.
كما تبيّن للجميع أن إعادة تسمية هيئة مكافحة البطالة، باسم الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات، ومن ثم تسميتها مجدداً باسم هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتغيير أسماء مدراء هذه الهيئات لأكثر من مرة، كان بمثابة تغيير في أسماء المهام وأسماء المكلفين بها، لم يثمر الأفضل، وبعيداً عن التحديث والتطوير المنشود لها، وجميعنا نلاحظ أن التنمية الإدارية المنشودة قد حملت أكثر من اسم، وتبوأ كرسي مهمتها أكثر من مسؤول، وما زال إنجازها دون المطلوب، وتحديداً فيما يخصّ المشروع الوطني للإصلاح الإداري، الذي أطلقه السيد الرئيس.
كل الوقائع تُظهر أن وزاراتنا وإداراتنا، شهدت وتشهد تغييرات متتالية، معهودة في أسمائها وأسماء الموكلين بها، بعيداً عن الاهتمامات الجدية بطموحات التحديث والتطوير المنشودة، بدليل أننا ما زلنا بعيدين عن الإصلاح الذي ننشده منذ سنوات، أكان ذلك فيما يخصّ الإصلاح الإداري، أو إصلاح القطاع العام أو الإصلاح الاقتصادي بشكل عام، ولا زلنا نفتقد وجود آلية لمكافحة الفساد المستشري حتى تاريخه، بل أصبحنا الآن بأمسّ الحاجة للإصلاح الاجتماعي، عقب التضليل الكبير الذي تعرض له مجتمعنا، والذي أسفر عن انسياق بعض الأوساط الشعبية وراء من أودوا بهم إلى الهاوية اقتصادياً واجتماعياً.
يبقى الأمل معقوداً على أن يثمر المرسوم الرئاسي الجديد القاضي بتسمية /9/ وزراء جدد عن تحديث وتطوير منشود في الوزارات التسع، ويحفز التطوير في باقي الوزارات، بعيداً عن الاكتفاء بالتغيير المعهود، وكلّ ذلك يتطلب المزيد من العمل التكاملي للسير بجميع الإصلاحات معاً، من خلال المشاركة الرسمية بين الإدارة المحلية وجميع الإدارات المعنية، والمجتمع الأهلي. فالمطلوب أن يترافق التحديث والتطوير في أداء الوزارات بالتوازي مع التغيير في أسماء المكلفين بها.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية