المجلس العتيد..؟
ألم يحنِ الوقت والظرف وتحنِ الضرورة لإقراره، الجواب نعتقده نعم، لكن حيثيات إنشائه ووجوده مرتبطة بالموضوع الدستوري.
المقصود بعينه هو “المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي” أو ما يمكن أن ندلّل على ماهيته وكنهه بتسميته مجازاً بـ”مجلس حكماء” يتمثّل فيه أصحاب الخبرة والكفاءة والتجربة العلمية والعملية ممن يشهد لهم بذلك، ومن القطاعين العام والخاص.
مهام المجلس آنف الذكر، ستكون استشارية وفي جميع القضايا ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهذه ستكون تطبيقاً للصلاحيات المُنوطة به، أي على المجلس أن يعدّ الآراء والتقارير والدراسات، وبطلب من الحكومة أو مجلس الشعب أو المجلس الاستشاري، (إحالة)، أو بمبادرة منه (إحالة ذاتية).
ولعلّ أهميته القصوى تتأتى مما سيكون له من صلاحيات، أو يجب أن تكون، ومنها تحليل الظرفية وتتبع السياسات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والإقليمية والدولية وانعكاساتها، كوننا لسنا معزولين عما حولنا، لذا وكما نكون منفعلين لا بد أن نكون فاعلين ومؤثرين، كي نستطيع حجز مقعدنا ومساحتنا اللازمين لتطورنا في الخارطة العالمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ومنها أيضاً إنجاز الدراسات والأبحاث في الميادين والمجالات المرتبطة بممارسة صلاحياته، كتيسير وتدعيم التشاور والتعاون بين الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين والمساهمة في بلورة ميثاق اجتماعي، وكذلك الإدلاء برأيه في التوجهات العامة للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة، وفي جميع القضايا ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الإقليمية والعالمية المتقدمة، وفوق هذا أيضاً، تقديم اقتراحات في مختلف الميادين المرتبطة بالأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
كما تتأتى أهمية هكذا مجلس، من (الإحالة)، أي أن للحكومة ولمجلس الشعب والمجلس الاستشاري أن يستشيروا المجلس حول: جملة من القضايا كمشاريع ومقترحات القوانين التي تضع إطاراً للأهداف الأساسية للدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛ والمشاريع المرتبطة بالاختيارات الكبرى للتنمية، ومشاريع الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسة العامة للدولة في ثلاثية الميادين السابقة الذكر.
ليس هذا فحسب، وإنما يمكن للحكومة ولمجلس الشعب وللمجلس الاستشاري، استشارة المجلس أيضاً بخصوص مشاريع ومقترحات القوانين ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ولاسيما الرامية منها إلى تنظيم العلاقات بين الأجراء والمشغلين، وإلى سنّ أنظمة للتغطية الاجتماعية، وكذا كلّ ما له علاقة بسياسة عمومية ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو بيئي.
بالتوازي مع ذلك تأتي أهميته أيضاً من (الإحالة الذاتية)، أي للمجلس الحق أو الصلاحية أن يقوم بالإدلاء بآراء أو تقديم اقتراحات أو إنجاز دراسات أو أبحاث في مجالات اختصاصه، على أن يخبر الحكومة ومجلسي الشعب والاستشاري بذلك.
هذا المجلس -وبحسب المتابعين- سيتمّ تضمينه في الدستور السوري العتيد، الذي يُشتغل عليه حالياً، والمتوقع أن يكون بوصلة الأمان والتطوير للميادين التي ذكرناها، كونها في مجملها تشكل كُلية متكاملة يتوقف عليها مستقبل سورية الجديدة التي نطمح إليها كلنا.
ويبقى السؤال: أليس من الحكمة أن نعدّ لذلك المجلس الأرضية المناسبة لانطلاقة قوية، تعكس جديتنا وقناعتنا بأهمية وجوده، كي تكون العناوين بحجم المضامين.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com