“مواطن” ريف دمشق؟!
أيقظ تفاقم الواقع الخدمي السيئ في ريف دمشق عشرات بل مئات التساؤلات الباحثة عن الميزانيات الضائعة في أكوام الخطط الورقية التي يجيّر مضمونها من عام لآخر، أو بالأصح تذهب أدراج الرياح دون أن يعرف مصير الأرقام المصروفة من خلالها لتحسين الواقع الناضح بالكثير من المنغصات والتحديات.
ولاشك أن استفحال أزمة “الزبالة” في محافظة ريف دمشق بات المشهد الأكثر حضوراً لناحية التقصير والإهمال على كافة المستويات، فأكوام النفايات المنتشرة في الشوارع في غالبية المناطق ومنها أشرفية صحنايا ليست إلا دليل إدانة ليس للوحدات الإدارية التي تقف عاجزة أمام واقعها، وطبعاً نحن لا نتحدث هنا عن مجالسها الجديدة، بل لمنظومة عملها (عمال وآليات وغيرها)، وهذا ما يحمّل محافظة ريف دمشق المسؤولية الأولى، فهي تتعاطى بسلبية مع متطلبات عمل الوحدات وتتعامى في الوقت ذاته عن حقيقة أن الشارع ليس بخير، وتتجاهل بشكل متعمّد حالة الاستياء التي تسوده خاصة بعد إطلاق الكثير من الوعود دون أن تحقق أهدافها.
ومن باب التوضيح فإن إقرار الشارع باستثنائية الظرف وصعوبته لا يعني طيّ الإشارات الاستفهامية الاتهامية الباحثة في حقيقة أن عدم توفر الآليات وكثرة الأعطال وارتفاع أسعار القطع التبديلية هو السبب وراء هذه الأزمة.. فأين تذهب مئات الملايين المخصّصة للمحروقات وللصيانة والإصلاح؟.
والغريب في الأمر إصرار المحافظة على أقوالها وعدم اعترافها بأن الخلل ليس في الآليات التي تحوّلت بالإهمال وشفط المخصّصات إلى “طنابر” عديمة النفع، وقد نتقارب معها بالرأي مع حجة نقص العمالة، إلا أن ذلك أيضاً يدفعنا للتساؤل عن طبيعة عمل آلاف عقود العمل التي تمّت في المحافظة؟! .
وطبعاً لا نريد التشكيك بأهمية ما تمّ ويتمّ في ريف دمشق، ونتمنى ألا يؤخذ كلامنا عن الواقع الخدمي وخاصة (النظافة) إلى خانة التشويه وتقزيم الجهود، بل كل ما نسعى إليه وباختصار شديد تحقيق الخدمة العامة التي تشكل ميدان عمل جميع المسؤولين الذين نذكرهم بمهامهم وواجباتهم التي تسقط أحياناً كثيرة من أجندة عملهم تحت غطاء كثيف من الأعذار، سواء المتعلقة بالظرف العام أو بتلك المندرجة ضمن تصنيفات الخصوصية لكل محافظة وبشكل تنزلق معه خدمة المواطن من غير رجعة إلى غياهب النسيان.
إن تراكم الأخطاء في سجلات الواقع الخدمي قد يحول دون القيام بخطوات عاجلة تحقّق نتائج سريعة يلمسها المواطن، وخاصة عندما تخمد فاعلية الحلول لأسباب مجهولة، فهل من معجزة؟.
بشير فرزان