“التربية” تضع خططاً لاستدراك النقص عقدة المدرسين “لغز” لم تحله المسابقات والتصريحات وعجز إداري قبل التدريسي
لم تألُ الحكومة جهداً في تعزيز ورفد القطاع التربوي من خلال ما قامت به وزارة التربية بإجراء مسابقة مدرسين للفئتين الأولى والثانية لسد النقص الحاصل في المدارس، إلا أنه وبعد إصدار قرارات التعيين وفق الناجحين والأعداد المطلوبة، بقيت المدارس تعاني ثغرات ونقصاً في عدد المدرسين وخاصة للمواد الاختصاصية (رياضيات وفلسفة ولغة أجنبية وعربي) مما ترك حالة استغراب واستهجان من المتابعين للشأن التربوي، ولاسيما أن خطة التعيينات يجب أن تتضمن احتياجات المديريات في المحافظات كافة وفق العدد المطلوب لكل مادة، ورغم ما اتخذته وزارة التربية من خطوة إيجابية بتعيين دفعة ثانية من الناجحين في مسابقة الفئة الأولى والدفعة الأولى من الفئة الثانية، لا تزال مدارسنا تشكو النقص وكأنه أمر طبيعي اعتاد عليه أولياء الأمور والمدرسون، وذلك حسب شكاوى ترد بشكل يومي من الأهالي عن معاناة أبنائهم بسبب غياب المدرسين لبعض المواد وخاصة المواد العلمية، كما يؤكد الأهالي أن هناك مدارس حتى الآن دون مدرسين لبعض المواد في ظل تقصير وترهل بعض مدراء المدارس في متابعة ومطالبة المديرية بسد النقص.
وأشار الأهالي إلى أن عودة مدرسين إلى محافظاتهم بعد عودة الأمن والأمان إليها شكّل فجوة تدريسية في وقت ذروة الفصل الدراسي، إضافة إلى مشكلة نقص مدرسي الأنشطة، مثل الموسيقى والتربية الفنية وخاصة في الأرياف والقرى مع غياب للوسائل التعليمية.
مشكلة مزمنة
ويعتبر المتابعون للشأن التربوي أن أزمة نقص المعلمين قائمة منذ سنوات، وهو ما يؤثر على نتائج المنظومة التعليمية، مما اضطر القائمين على العملية التعليمية للاستعانة بالمكلفين من خارج الملاك والساعات الإضافية، مشيرين إلى اضطرار المدارس للاستعانة بغير أصحاب الكفاءات لسد العجز فقط، كي تبدو المدرسة وكأنها لا تعاني أي نقص.
ولم يخفِ الأهالي تجاهل مدراء المدارس للشكاوى المتكررة عن النقص من خلال زيارة المدارس والرجاء بإيجاد حلول إلا أنه لا جدوى من ذلك، ليؤكد خبير تربوي أن العجز هنا ليس مقتصراً على نقص عدد المدرسين بل العجز يطال أداء مدراء المدارس والموجهين المختصين المعنيين الحقيقيين بالدرجة الأولى بملء الشواغر، معتبراً أن مديريات التربية تتحمّل المسؤولية الأكبر قبل الوزارة، ولاسيما أن وزارة التربية تبني خططها وفق ما تطلبه المديريات والاحتياجات اللازمة والضرورية، محملاً مدير المدرسة المسؤولية، ولاسيما أن عليه معرفة أو توقع نسبة ٩٠% أو أكثر في كل ما يمكن أن تتعرض له الظروف المدرسية من غياب للمعلمين وازدياد أعداد الطلاب لسبب أو لآخر بما يمكّن من سد الشواغر بالاختصاصات المختلفة.
سد النقص
ويعتبر مدير تربية ريف دمشق ماهر فرج أن المديرية كلفت الموجهين الاختصاصيين في كافة المناطق لسد جميع الثغرات وذلك عن طريق جلسات علاجية، مؤكداً أهمية المسابقتين اللتين أجرتهما وزارة التربية في ظل الظروف الحالية لواقع المدارس والنقص الكبير في أعداد المدرسين والعاملين، وخاصة مسابقة الفئة الثانية التي جاءت استكمالاً للمسابقة الأولى، مبيناً أنه تمّ تعيين 1315 مدرساً من الفئة الأولى و800 مدرس بالنسبة للفئة الثانية، وأنه تمّ تعيين واستيعاب جميع الناجحين بالنسبة للمواد الاختصاصية كالرياضيات والفلسفة، ومازال هناك نقص يتمّ استدراكه عن طريق الوكلاء والساعات، علماً أن عدد مدارس المحافظة 1376 مدرسة تحتضن أكثر من 500 ألف طالب وطالبة في كافة المراحل التعليمية، إذ تشكّل هذه المسابقات التي تعلن عنها الوزارة بشكل متكرر بوابة مهمّة لتغطية معظم الشواغر في المدارس.
أسباب النقص
وعزا فرج نقص المدرسين إلى انتهاء الخدمة لشريحة من المدرّسين مع الوفيات وأعداد المدرسين الذين سافروا بموجب إجازات بلا أجر، ووفقاً للقرار الذي صدر مؤخراً بمغادرة مدرسي دير الزور إلى محافظتهم، إضافة إلى عودة الكثير من المدارس إلى العمل في المناطق المحررة.
ومع متابعتنا لهذا الموضوع في وزارة التربية، علمت “البعث” من مصادر مطلعة أن الوزارة تعمل وفق إستراتيجية وخطة مدروسة للانتهاء من مشكلة النقص في المدارس، حيث تعمل جاهدة من أجل الوصول إلى الحاجة الاكتفائية وإحداث توازن بين المدارس، وخاصة فى القرى التي كانت تعاني النقص أكثر من المدن.
اتهام مباشر
ولم يكن اتهام المتابعين لبعض إدارات المدارس بالنقص والترهل من فراغ، فمع توارد شكاوى عن نقص مدرسين تبيّن أن هناك نقصاً يتحمّله مدير المدرسة، وخاصة في ظل نشوب خلافات شخصية بين المدير والمدرس مما يؤدي إلى ترك المدرّس للمدرسة ويقع الطالب ضحية اعتبارات ومآرب شخصية، إضافة إلى تدخل المحسوبية من خلال السماح لمدرسين بالنقل واضعين مصالحهم وراحتهم فوق مصلحة الطلاب والعملية التربوية.
وآخر القول: لابد من التغلّب على تلك المشكلات من خلال تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة مع اقناع المدرسين بأن مصلحة الطالب تعتبر الأهم وفي المقام الأول، وأمامها تلغى كل الاعتبارات وذلك لضمان حسن سير العملية التربوية.
علي حسون