من وحي الزراعة..!
يمكننا توظيف ما يصدر بين الفينة والأخرى عن المنظمات الدولية من تقارير تلوّح بأزمة غذائية عالمية في الأفق نتيجة للتغيرات المناخية التي تجتاح العالم ضمن سياق ضرورة توجيه الاهتمام وتركيزه على اعتماد السياسات الزراعية الكفيلة بإنتاج أفضل المحاصيل بحيث لا يتأثر الإنتاج الكلي قدر المستطاع، أو يستعاض عن بعض المحاصيل غير الاستراتيجية بأخرى تتناسب وتقلبات المناخ الأخيرة..!.
ولدى إسقاط ما سبق على واقع التنمية الزراعية لدينا، يتوجب على راسمي سياساتنا الزراعية الاستغناء عن المنتجات غير المجدية اقتصادياً واستبدالها بأخرى ذات جدوى عالية، أو توزيعها على المناطق الملائمة أكثر لإنتاجها، بالتوازي مع التركيز على مدى مكافئة المنتج الزراعي وموازاته للطاقة الاستهلاكية والتصنيعية الموجودة لدينا بحيث تستوعب كل ما يتم إنتاجه، بمعنى آخر العمل على تحقيق القيمة المضافة العالية من منتجاتنا بحيث نحرص على تصديرها مصنعة بدلاً من تصديرها خاماً هذا من جهة.
ومن جهة ثانية لابد من اعتماد خطة زراعية على مدار العام تلزم كل فلاح يعتمد بزراعاته على الري من الموارد المائية -خاصة الجوفية منها- التقيد بمساحة محددة تتناسب مع مخزوننا الجوفي من المياه، وذلك بناء على دراسات دقيقة لواقع المياه الجوفية والمساحة المحددة لهذا النوع من المحاصيل غير الاستراتيجية، مع التوسع باعتماد الري الحديث كخيار استراتيجي، ويبرز الإرشاد الزراعي بهذا المقام كذراع حيوي لوزارة الزراعة لا يقتصر دوره فقط على المجال التوعوي فحسب، بل هو العصب الرئيسي للعمل الزراعي، وله دور كبير في متابعة تنفيذ الخطط الزراعية، ما يعني ضرورة أن يكون هناك تعاون وثيق بين البحوث الزراعية والإرشاد الزراعي لرفع متوسط العائد من الإنتاج، واستخدام التوصيات المناسبة ضمن كفاءة نقل التقانة والانتقاء الصحيح للأصناف وتوفير المدخلات في الوقت المناسب.
وفي الوقت الذي لا ننكر فيه ما حل بقطاعنا الزراعي من أضرار، إلا أنه لا يزال ضمن مرحلة الأمان النسبي، ويمكن استدراك ما أصابه من ارتكاسات خلال الفترة الماضية، وتحتم مقتضيات المرحلة على الفريق الحكومي وليس على وزارة الزراعة فحسب، التركيز على أس الأمن الغذائي المتمثل بمحصول (القمح) بالدرجة الأولى، بحيث يكون هناك زيادة أكبر في الإنتاج خلال المواسم القادمة، خاصة إذا ما علمنا أن سورية تصنف من الدول الزراعية، ولاسيما لجهة ما تنتجه من المحاصيل الاستراتيجية التي تشكل بالفعل ورقة رابحة بيد صناع القرار لما تجنبهم من الضغوط الخارجية.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com