أخبارصحيفة البعث

مجازر اليمن.. والصمت المشين

 

على امتداد الأعوام الأربعة الماضية شكل اليمن ضحية يومية  للقصف والدمار، حيث تركت الهجمات الوحشية والعشوائية التي شنها التحالف بقيادة النظام السعودي الدولة مدمرة، وملايين من المدنيين يصارعون من أجل البقاء، وتحوّل ما يزيد على ثلاثة ملايين يمني إلى مشردين داخلياً، كما طلب نحو 300 ألف يمني اللجوء إلى دول أخرى مثل جيبوتي والصومال.
وأظهرت دراسة أعدتها كل من مؤسسة إنقاذ الطفولة، ومنظمة الصحة العالمية وحقوق الإنسان، أن أعداد من لقوا حتفهم منذ بداية الحرب التي يشنها النظام السعودي على اليمن أصبحت مذهلة، وأن عدد الأطفال الذين لقوا حتفهم نتيجة الجوع الشديد والمرض بلغ 85 ألف طفل دون سن الخامسة، وبالرغم من أن الأطفال هم الأكثر تضرراً، فإن أربعة عشر مليون يمني معرضون لخطر المجاعة، ونظام الرعاية الصحية في اليمن موشك على الانهيار، بحسب اليونيسيف، ووفقاً للبيانات التي جمعتها الأمم المتحدة.
في الواقع لم يعد باستطاعة خمسة عشر مليون يمني الحصول على الرعاية الصحية، كما أنه لم تتمّ السيطرة على مرض الكوليرا الذي بدأ بالتفشي منذ تشرين الأول 2016، ولا يبدو أن الهجوم المستمر على البنية التحتية للمياه في اليمن – الذي يعتبر من أكثر دول العالم ندرة في المياه– قد حرّك ساكناً، ولهذا يتعيّن على من تبقى في البلاد أن يتعايش مع هجمات التحالف التي لا هوادة فيها، وكأن الموت البطيء بات قدراً محتوماً، خاصةً أن 8.6 مليون طفل في اليمن لا يستطيعون الحصول على خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة، إذ أدى تصعيد النزاع منذ عام 2015 إلى تفاقم هذا الوضع المزري، وأدت الهجمات والأعمال العسكرية على البنية التحتية للمياه إلى عدم تمكن المزيد من المواطنين من الوصول إلى مياه الشرب المأمونة.
وفي شهر آب الماضي، ألقى تقرير للأمم المتحدة حول الوضع في اليمن باللوم الكبير على هجمات تحالف النظام السعودي التي تطال المدنيين، وقال ثلاثة من خبراء الأمم المتحدة “إن الائتلاف الذي تقوده السعودية أخفق بشكل متكرر في استشارة قائمته الخاصة “بعدم القصف” لأكثر من 30 ألف موقع في اليمن، بما في ذلك مخيمات اللاجئين والمستشفيات”. ووفقاً لتقرير الخبراء فإن القيود التي فرضتها مملكة آل سعود لإيصال المعونات عن طريق البحر أو الجو كان لها أثر إنساني بالغ، وإن “مثل هذه الأعمال ترقى إلى مرتبة الجرائم الدولية”.
من المثير للشفقة أن ترى بعضاً من أكثر دول العالم نفوذاً مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تتآمر مع النظام السعودي المجرم لقتل اليمنيين. ففي الأسابيع القليلة الماضية عرّضت مئات الغارات الجوية التي قام بها التحالف في الحديدة وحولها أرواح 150 ألف طفل يمني للخطر، وهذا ما يسمى في القانون الدولي انتهاكاً لأبسط قواعد القانون الإنساني وسيادة القانون، لأن الحرب على اليمن باتت أقرب إلى المجزرة، ويتعيّن على المجتمع الدولي تحمّل المسؤولية لإقامة العدالة في مواجهة هذه المأساة.
سمر السمارة