” إماطة اللثام “
بالعودة إلى فوضى أسواق حلب وما تشهده من انفلات والتهاب حاد بالأسعار، والمتزامن مع اتساع رقعة المتحكمين بمداخل ومخارج المدينة، نجد أن الحال لم يتبدل بعد عامين على تحرير حلب من الإرهاب، بل ازداد سوءاً في ضوء التراخي في تطبيق القرارات الوزارية والصادرة عن مجلس المحافظة، والمفترض أن تشكل الناظم والضابط لإيقاع وتواتر الأسواق وعلى نحو يحقق التوازن في عملية العرض والطلب ويوازي القيمة الحقيقية للسلع والمواد المطروحة في الأسواق، مع مراعاة مطابقتها للمواصفات والجودة.
ومع صعوبة تحقيق هذه المعادلة، في ضوء غياب التنسيق والتعاون بين الجهات المعنية والمختصة، يتراجع دور مديرية حماية المستهلك والمنوط بها مهام تنظيم هذه العملية وتشديد المراقبة على الأسواق وضبط الأسعار ومنع حالات الغش والاحتكار، لأسباب تتعلق بضعف الإمكانات وقلة الآليات والكوادر البشرية الخبيرة والمدربة، في الوقت الذي تنشط فيه عمليات التهريب اليومية من قبل مجموعات تدير العملية بإحكام واحترافية في مشهد استباحي غير مسبوق لمداخل ومخارج المدينة دون رقيب أو حسيب.
وعلى الرغم من الضرر الجسيم لآفة التهريب ومخاطرها على الاقتصاد الوطني والمنتج المحلي، وما يفوح من روائح فساد في مفاصل العمل الرقابي والإداري، لم نسمع عن أي إجراءات لوقف ومنع كرة الثلج من التدحرج وإغراق السوق بمواد فاسدة ومجهولة المصدر ومنتهية الصلاحية، وهي غالباً من منشأ تركي، ما يوسع من إشارات الاستفهام والتساؤلات حول الكثير من القضايا والملفات والتي لها صلة بالشراكة المعقودة من تحت الطاولات بين المستفيدين والمنتفعين من هذه الفوضى المتعمدة والمنظمة، والتي تطيل من عمر الأزمة وتنعش من جديد البيئة الفاسدة والتي تضرب أهم مفاصل حياتنا اليومية والمعيشية.
وبطبيعة الحال ومع الولادة الجديدة للحكومة ننتظر من الوزارة المعنية المختصة بالتعاون مع كافة الشركاء والمعنيين دوراً أكثر فاعلية وتأثيراً للحيلولة دون تمكين هذه المجموعات من التلاعب بقوة ومصير المواطن، من خلال اتخاذ جملة من القرارات والإجراءات الصارمة والحازمة مدعومة بتشريعات وقوانين جديدة تعطي نتائج إيجابية وملموسة تضمن كفاءة أداء المؤسسات التموينية والرقابية والصحية وتؤدي في المحصلة إلى إماطة اللثام عن كل الوجوه التي تسعى إلى استباحة مقدرات الوطن والمواطن وعلى عينك يا مسؤول عفواً ( يا تاجر ) .
معن الغادري