حكومة ماكرون ترضخ و”السترات الصفراء” تدعوها للاستقالة
على الرغم من قرار الحكومة الفرنسية تعليق الضرائب على الوقود التي فرضتها مؤخراً، إلا أن شعبية الرئيس ماكرون سجّلت الأسوأ في تاريخ الرؤساء الفرنسيين متساوياً مع الرئيس السابق فرانسوا هولاند “شعبيته عام 2013 “، ما يؤكّد مجدداً أن الرئيس الفرنسي في أزمة كبرى، والتراجع عن زيادة الضرائب لن يمنع السترات الصفراء من الخروج مجدداً للشارع تنديداً بسياساته الاقتصادية والاجتماعية.
فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته إيفوب-فيدوسيال لصالح مجلة باري ماتش وإذاعة (سود راديو) نشر أمس أن شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء إدوار فيليب هبطت لمستوى قياسي مع تصاعد احتجاجات (السترات الصفراء).
وهبطت نسبة الرضا عن أداء ماكرون إلى 23 بالمئة بانخفاض ست نقاط عن الشهر السابق، وهبطت نسبة الرضا عن أداء فيليب عشر نقاط إلى 26 بالمئة.
وتمثّل النسبة التي سجلها الرئيس تلك التي سجلها سلفه فرنسوا هولاند في أواخر عام 2013 وفقاً لمجلة باري ماتش.
وكان هولاند في ذلك الوقت يعتبر الرئيس الأقل شعبية في تاريخ فرنسا الحديث.
بالتزامن دعا كريستوف تشالونسون المتحدّث باسم حركة السترات الصفراء الحكومة إلى الاستقالة بعدما تخطى عدد الذين شاركوا في الاحتجاجات 150 ألف شخص في أنحاء فرنسا يوم الأحد الماضي ما يدل على الدعم الواسع الذي تلقاه حركته الاحتجاجية.
وفي تطور جديد انضم المسعفون الفرنسيون إلى الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وتجمعوا بالقرب من الجمعية الوطنية وسط باريس احتجاجاً على ظروف العمل، حيث قامت عشرات سيارات الإسعاف بسد الجسر المؤدي إلى الجمعية الوطنية بينما احتشدت شرطة مكافحة الشغب تحت المطر لمنع المحتجين من الاقتراب من المبنى.
وخلال الاحتجاجات أضرم المتظاهرون النيران، وأغلقوا الطرقات، ورفع أحد المتظاهرين لافتة كتب عليها “الدولة قتلتني”، فيما هتف آخرون مطالبين باستقالة ماكرون.
وفيما اعتبرته أوساط المعارضة الفرنسية رضوخاً لمطالب السترات الصفراء، وهرباً من تظاهرات السبت القادم، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب تعليق الضرائب على الوقود بدءاً من الشهر المقبل.
وكان مصدر حكومي فرنسي، قال: إن فيليب سيعلن تعليق الضرائب وفق ما تقرّر في الاجتماع الذي عقد في الإليزيه أمام كتلة “الجمهورية إلى الأمام” في الجمعية الوطنية الفرنسية، وأضاف: إن هذا التعليق الممتد على عدة أشهر سيترافق مع تدابير أخرى تهدف إلى التهدئة بعد أسبوعين من التظاهرات والاحتجاجات على هذه الضرائب في كل أنحاء فرنسا.
في سياق متصل انسحب متظاهرون من أعضاء حركة (السترات الصفراء) الفرنسية من اجتماع مع رئيس الوزراء، وأعلن رفض الحوار مع الحكومة “لأسباب أمنية”.
وقال بعض أعضاء الحركة: إنهم تلقوا تهديدات بالقتل من متظاهرين متطرفين يحذرونهم من الدخول في مفاوضات مع الحكومة.
وبدأت احتجاجات (السترات الصفراء) اعتراضاً على الضريبة التي فرضتها السلطات الفرنسية على الوقود منذ منتصف تشرين الثاني، لكنها تطوّرت لتعكس غضباً واسع النطاق على سياسات ماكرون وصلت إلى المطالبة برحيله بسبب غلاء المعيشة والضرائب الباهظة.
وقتل ثلاثة أشخاص منذ بدء الاحتجاجات، فيما توفيت امرأة في الثمانين من العمر بالمستشفى بعد إصابتها في الوجه بعبوة غاز مسيل للدموع خلال مظاهرات في مرسيليا جنوب فرنسا يوم السبت، وأصابت العبوة المرأة أثناء إغلاقها نوافذ شقتها بالطابق الرابع بأحد مباني المدينة. وكانت السلطات الفرنسية واجهت بالقمع الشديد الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مختلف المناطق الفرنسية منذ السابع عشر من الشهر الماضي، وشارك فيها عشرات الآلاف، فيما أضحت تلك الاحتجاجات معضلة بالنسبة لـ “ماكرون” الذي أطلق كثيراً من الوعود والمبادرات منذ توليه الرئاسة في أيار عام 2017، لكنه لم يحقق منها شيئاً.