هيبة دور القضاء على محك الخروج من تحت رماد البنى التحتية العدل تستبعد إمكانية العودة السريعة لجميع المحاكم حالياً وأربعة مجمعات قضائية جديدة العام المقبل
دمشق – ريم ربيع
لا يخفى على أحد أن البنى التحتية أو حتى الناحية الشكلية لمؤسسة ما تلعب دوراً كبيراً في ترسيخ مكانة هذه المؤسسة وخلق جو من الثقة بينها وبين من يراجعها، غير أن التخريب والتدمير الذي شهدته مختلف الجهات جعل من الناحية الشكلية “كماليات” يمكن النظر بها لاحقاً، فيما تجمع الآراء أن البنى التحتية المتعلقة بالسلطة القضائية تحديداً يفترض بها أن تعكس هيبة القضاء وترقى إلى مستوى العملية القضائية فهل يمكننا إسقاط هذه الآراء على واقع البنى التحتية للقضاء في سورية؟.
معاون وزير العدل القاضي تيسير الصمادي يرى أن المحاكم في وضعها الحالي لا يمكن أن تمثل هيبة القضاء ويفترض أن تكون أفضل بمراحل، عازياً السبب إلى الدمار الكبير الذي لحق ببنى هذه المنظومة والخسائر المقدرة بـ 5 مليارات ليرة، موضحاً أن قصور العدل كانت من أول المنشآت الحكومية المدمرة بدايةً في درعا ثم باقي المحافظات، وبعضها يستحيل إعادة تأهيله، فضلاً عن العبث بمحتوياتها والوثائق الموجودة فيها، فيما نوّه بتمكن بعض الأشخاص من حفظ سجلات كاتب العدل في بعض المناطق بشكل فردي ونقلها إلى مناطق آمنة وتسليمها بعد المصالحة، حيث استعيدت كامل سجلات محكمة ببيلا منذ فترة قصيرة، ومثلها سجلات الكاتب بالعدل في القصر العدلي الخاص بالقسم المدني في درعا، فبعد أن تعرض للدمار والتخريب سلمت لجان المصالحة السجلات للعدلية فيما أحرقت جميع الدعاوى. كما كشف الصمادي أن إصدار المرسوم المتعلق بالوكالات المفقودة أصبح قريباً جداً فيما تجاوز عدد الوكالات المؤرشفة إلكترونياً 9 ملايين وكالة حتى الآن.
وعلى الرغم من بساطة الخدمات المقدمة في الكثير من العدليات خلال الحرب بيّن الصمادي أن الهدف كان استمرارية العملية القضائية طيلة فترة الأحداث ومحاولة تلبية الخدمات الممكنة كعقود الزواج والوكالات والتأشيرات وتصديق الأوراق، أما توقف الدعاوى المدنية فمرده بحسب معاون الوزير للحفاظ على حقوق الأشخاص في فترة نزوح الأهالي بعد ضياع العناوين الواضحة لهم وصعوبة تبليغهم بأي دعوى، بينما بقيت الدعاوى الجزائية مستمرة ومتابعة.
ويشير الصمادي إلى خطة الوزارة بإعادة العمل لجميع المناطق بعد عودة المهجرين، حيث أعيد ترميم وافتتاح كل من محاكم ببيلا والمليحة وعربين وداريا والقلمون بعد أن كانت في عدلية ريف دمشق المؤقتة، ومثلها محاكم ريف حمص التي تعرضت للتخريب، فيما نقلت محاكم ريف دير الزور إلى مركز المدينة “روضة أطفال” بعد تدمير القصر الأساسي، منوّهاً بتخصيص 115 مليوناً من الميزانية الإسعافية لترميمه، كما افتتحت محكمة لدير الزور في دمشق لتدارك الوضع لكنها توقفت بعد تحرير المدينة للمساهمة بعودة الأهالي لمدينتهم.
وبعد تدمير قصر العدل في حلب اتجهت الوزارة لمتابعة مهامها من بناء يعود لجامعة حلب يضم محاكم المدينة والريف، من جهة أخرى يرى الصمادي أن وزارة العدل سجلت نقطة مضيئة عبر استمرارية عمل بعض محاكم إدلب ومحكمة في أطراف الرقة، وكذلك محكمة نبل والزهراء لتقديم الخدمات للمواطنين.
وبعد أن حددت موازنة 2019 لوزارة العدل بحوالي 5 مليارات ليرة استبعد معاون الوزير إمكانية العودة بالكامل لجميع العدليات، فالإمكانات غير كافية، ما جعل الوزارة تتجه لطلب مناطق بديلة للمحاكم، مشيراً إلى استجابة معظم البلديات للطلب، وكشف الصمادي عن إدراج أربعة مجمعات جديدة هذا العام في صافيتا ويبرود والصنمين وتلكلخ بكلفة تقديرية حوالي 4 مليارات ليرة لتطبيق خطة الوزارة في الانتشار الأفقي في جميع المناطق لتسهيل معاملات المواطنين.
ولم ينف القاضي الصمادي الحاجة الماسة لترميم القصر العدلي بدمشق، خاصة أنه يستقبل يومياً 15 ألف مواطن رغم أن مساحته لا تزيد عن 15 ألف م2 ما يتسبب بازدحام هائل، مبيّناً أن مدينة كدمشق يفترض ألا تقل مساحة قصر العدل فيها عن 100 ألف م2 تشمل مواقفاً للسيارات ومستودعات وأماكن توقيف قصيرة، فضلاً عن ضرورة إيجاد مجمع قضائي للريف ضمن المدينة في ظل عدم ملاءمة بناء المطبعة الرسمية للعملية القضائية.