صحيفة البعثمحليات

2.3 مليون م3 زيادة في إنتاج الغاز خلال أسبوعين.. والدعم دائماً لمستحقيه لجنة الطاقة والموارد تطمئن باستقرار كهربائي.. وتخطو لتطوير ثقافة الترشيد..

 

دمشق– ر. ربيع
بلا شك يشكّل قطاع الطاقة الشريان الأساسي في أي تطور اقتصادي أو إنتاجي، وعليه تُبنى كافة الخطط التنموية والاقتصادية، وبعد أن كادت دماء هذا الشريان تجفّ في مرحلة من المراحل الحرجة نفاجأ اليوم بأرقام إنتاجية تفوق في بعض الحالات ما كانت عليه في أيام السلم والرخاء. وحتى لا تتبدّد تلك الطاقة قبل أن ندرك استبعد رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس في اجتماعه بلجنة الطاقة والموارد أية فرصة للرجوع إلى الوراء في قطاع الطاقة، وأكد سخونة الملف على طاولة الحكومة، معلناً عن رؤية جديدة ترتكز على تأمين بنية راسخة للإنتاج ومعالجة الأسباب بدلاً من النتائج. وهنا جاء الاجتماع للتقدم بخطوات -مدروسة أساساً- في استراتيجيات تحقيق الاستقرار الطاقي وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية، ولاسيما بعد بدء مرحلة إعادة الإعمار وإقلاع العملية الإنتاجية، وبالقلم والورقة كانت دراسة الإنتاج والتكاليف لتقرّ اللجنة استراتيجية وزارة الكهرباء المتضمنة زيادة استطاعة /5/ آلاف ميغا واط إلى الشبكة حتى العام 2023 بالتوازي مع استراتيجية وزارة والنفط لتأمين متطلبات توليد الطاقة الكهربائية من الغاز والفيول.

بالأرقام..
ولما أعطى المهندس خميس الأولوية عام ٢٠١٩ للإنتاج بكل مكوناته وجّه بمضاعفة الجهود لتأمين الطاقة اللازمة له، ما جعل كلاً من وزيري الكهرباء والنفط يلجآن إلى لغة الأرقام لتتكلم عن الفترة المقبلة وتوقعات الإنتاج المبنية على خطوات فعلية بدأ العمل بها لنصل إلى عام 2023 بكفاية طاقية ذاتية، حيث بيّن وزير الكهرباء المهندس زهير خربطلي أن الاستطاعة ستصل إلى (9041 م.و) في 2023، موضحاً أن 75% من محطات التوليد تعمل على الغاز حالياً، حيث تستهلك 13 مليون م3 من الغاز و7000 طن من الفيول لتلبي 60% من الطلب في الوقت الحالي، مؤكداً جاهزية المحطات لتلبية الطلب بنسبة 100% وتوليد (5345 م.و) في حال توفير 6 ملايين م3 غاز إضافية، ليرمي بذلك الكرة في ملعب وزير النفط علي غانم الذي ربط خطة الإنتاج بعمليات التحرير، حيث تبشّر الأرقام بإنتاج 24.5 مليون م3 غاز بنهاية 2019 في حال حرّرت منطقة شمال الفرات ليصل الإنتاج إلى 29 مليون م3 في 2023. وفي إشارة منه إلى التحديات التي واجهت قطاع الطاقة كشف غانم أن المخازين لدى استلام الحكومة كانت تكفي ثلاثة أيام كحدّ أقصى وأغلب المنشآت النفطية خارج الخدمة إلى جانب تجاوز الخسائر لـ71 مليار دولار، في حين أدت الخطوات المتسارعة إلى إنتاج 16.5 مليون م3 من الغاز حالياً، وتمّ إضافة 25 بئراً غازية بمعدل بئر جديدة كل شهر ونصف، كاشفاً عن إضافة 2.3 مليون م3 غاز خلال أسبوعين ليصبح الإنتاج 17.8 مع نهاية العام. وبدا وزير النفط مرتاحاً لتغطية حاجة الكهرباء والنفط من الغاز في الفترة المقبلة، مؤكداً أن الفائض الغازي بعد 2024 سيغطي عجز الفيول بالكامل.

بعيداً عن الكفر..!
وبعد استماعه لسلاسة الخطط الفنية، ارتأى المهندس خميس ترجمتها لأرقام مالية، مظهراً حجم الدعم المقدّم لقطاع الطاقة وضرورة استثماره بالشكل الأمثل، حيث بيّن أن إضافة 5000 ميغا. واط للشبكة حتى 2023 تحتاج 6 مليارات دولار بين توليد ونقل، إلى جانب 8 ملايين دولار يومياً قيمة المكافئ النفطي للمحطات، أي يتطلّب تأمين استقرار الطلب على الطاقة حتى 2023 نحو 16 مليار دولار، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه نسبة الجباية 10% من قيمة الدعم، غير أن رئيس الحكومة لم يختر الإعلان عن حجم الدعم بغية إلغائه، واصفاً رفع الدعم بالـ”الكفر” ومغلقاً الباب أمام من يطالب بذلك، ليفتح بوابة جديدة في آليات “تطوير” الدعم بحيث يصل إلى مستحقيه بطريقة توظيفية خاصة وأن الدولة تقدم دعماً يومياً يُقدّر بـ 1.2 مليار ليرة لمشتقات النفط و3.6 مليارات لقطاع الكهرباء.

رفع الكفاءة
وكان لأعضاء اللجنة مقترحات عدة في استثمار الطاقة، كتطوير الأداء لتقليل الهدر والتحوّل من الدعم المباشر للدعم الشفاف ليصل إلى مستحقيه، وأتمتة العمل والتحوّل للعدادات الذكية، إلى جانب رفع الكفاءة في كافة القطاعات عبر ثقافة الترشيد وتخفيض الفاقد الكهربائي وتشجيع القطاع الخاص على مشاريع الطاقات المتجددة. وطمأن مدير مؤسسة توليد الكهرباء م. محمود رمضان بأن مشاريع المحطات الجديدة المتفق عليها مع الدول الصديقة لن تشكّل أية أعباء مالية بعد الاتفاق على التسديد وتنفيذ المشروع، فيما لفت وزير النقل علي حمود إلى مساهمة إصلاح الطرق والخطوط الحديدية في تأمين المشتقات النفطية وتخفيض الكلفة.

لوم وعتب..!
ومع إصراره على تقدير كل الجهود وعدم الاستهانة بالتحسّن الكبير الذي شهده القطاع بعد أن كان “على كف عفريت”، كان لرئيس الحكومة المهندس عماد خميس توجيهات صارمة في تكثيف حملتي مكافحة الاستجرار غير المشروع وترشيد استهلاك الطاقة، معاتباً مركز بحوث الطاقة على دوره المتواضع في الترشيد، في الوقت الذي يتطلّب طرقاً نوعية وحملة منهجية وتفعيل مديريات خدمات الطاقة لضبط الاستهلاك في جميع المؤسسات، وحتى في المنازل التي تزيد نسبة الإسراف فيها عن 50٪، مكلفاً مدير مؤسسة توزيع الكهرباء ومركز بحوث الطاقة بجولات مستمرة على جميع المحافظات. وحيث اعتبر خميس أن أهمية الترشيد كأهمية إنشاء محطة توليد، أشار بحسرة إلى المظاهر المبالغة وتباهي بعض المحافظين باستقباله وإنارة الطرقات والزينة قائلاً: “هنن بيتفاخروا وأنا عم اتقطع..!”.
ولم يكن رئيس مجلس الوزراء مرتاحاً لأرقام ضبوط الاستجرار غير المشروع، مستغرباً وجود 588 (حرامي كهربا تجاري) فقط..؟!، في الوقت الذي أصبحت فيه محاربة الفاقد التجاري واجباً حتى لا يضيع ما بُذل من جهد، فلدى مقارنته مع إنشاء 800 مركز تحويل في عام واحد بينما كان في أفضل الأحوال يُنشأ 200 مركز، أكد خميس أن هذا الجهد لا ينبغي ضياعه أمام الإهمال في الفاقد.

تغيير العقلية
ولأن العقلية القديمة لم تعد تصلح، برأيه، بدا خميس منفتحاً على تطوير قانون التشاركية والكهرباء ليكون أكثر سلاسة في تشجيع المستثمرين وتأمين أرضية خصبة للقطاع الخاص، والتواصل مع الدول الصديقة في القروض حتى لو نُظم تشريع “خاص” لقروض قطاع الكهرباء. كما وجّه بالاستفادة من الطاقات المتجددة وتكثيف التواصل مع القطاع الخاص والانفتاح على الاستثمار، فلا يوجد بديل أمام حجم المبالغ الكبير للوقود سوى الطاقات المتجددة.