محاولات “متواضعة” لتحديد فجوات التدريب في سوق العمل.. وتغييب العمالة الزراعية عن ثقافة التأهيل
دمشق – ريم ربيع
يبدو أن حالة الركود الطاغية على سوق العمل منذ فترة ليست بالقصيرة لم تعد مجرد ثغرة عابرة، فالمشاريع والخطط المرسومة لسورية ما بعد الحرب تحتاج إلى بيئة عمل تختلف عما نراه الآن؛ ما دفع بغرفة تجارة دمشق لتكثيف نقاشاتها حول سوق العمل وتكرار العناوين الرئيسة التي تتطلبها الفترة المقبلة، لتتباحث خلال ندوة الأربعاء التجاري حول احتياجات التدريب للقطاع الخاص والثغرات الموجودة في الخبرات والاحتياجات التدريبية، حيث انطلق عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق منار الجلاد من الحاجة المتزايدة لعمالة مدربة ولاسيما العمالة الزراعية شبه المنسية رغم أهميتها باعتبار سورية بلداً زراعياً أولاً، فالعمالة الحالية تقتصر على الخبرات المتوارثة من الأهالي وليس على معرفة علمية للخبرات الزراعية، وإلى جانب الزراعة أشار الجلاد للحاجة إلى عمال حرفيين ومهرة صناعيين للنهوض بالصناعة في المرحلة القادمة، مؤكداً أن الناحية الاجتماعية في استقطاب الشباب السوري أهم من الاقتصادية بعد أن لمست نتائج تجاهل هذا الجانب في السنوات السابقة؛ لذلك يفترض التركيز على توجيه الشباب نحو العمل والإنتاج وإعطائهم فرصاً حقيقية للعمل والتدريب.
وبين نائب رئيس المجلس التنفيذي لمركز الأعمال والمؤسسات السوري جورج قطيني أن المنطلق الأساس في التوظيف والتدريب هو تحديد احتياجات الشركات للخروج بنتائج وبرامج فعلية مبنية على جولات ميدانية تدرس الواقع بالتفصيل بعيداً عن التنظير من وراء المكاتب، لافتاً إلى أنه ورغم تقديم التدريب عبر جهات ومنصات كثيرة ما تزال النتائج توحي أن الموظف لا يملك المواصفات التي تلبي احتياجات المؤسسات، وهو ما وافقه عليه الخبير المسؤول عن دراسة احتياجات التدريب الفعلية في المحافظات السورية د.إحسان جويجاتي عندما أوضح أن التدريب يحتاج إلى تخطيط أولاً ليكون فعالاً بمعرفة الاحتياجات ومستوى التدريب المطلوب والاختصاصات المطلوبة، ومكان التدريب وتحديد الفجوات في الخبرات لمعالجتها.
ورغم أن الهدف الأساس للندوة كان لتحديد أصحاب العمل الحاضرين ما هي متطلباتهم واحتياجاتهم لوضع منهجية لمعالجتها غير أن الكثير من المداخلات كانت تتجه لشرح أهمية التدريب وتفعيله وحاجة سوق العمل له، وقدموا آراء مهمة في هذا السياق، ولكن غابت الاحتياجات الحقيقية والمشاكل لحيز طويل من الحوار، فيما اجتمعت الآراء في النهاية على ضرورة الربط والتشبيك بين التعليم وسوق العمل ولاسيما التعليم المهني، فالخبرات الناقصة هي مهنية أكثر من كونها إدارية لأن “كلو بدو يصير مديراً”، غير أن رأي آخر استنكر ربط كل شيء بالجامعة باعتبار المشكلة تصبح أكثر عمقاً وترسيخاً لثقافة المجتمع التي تعد التعليم المهني “للفاشلين”.
من جهة أخرى علت بعض الأصوات المؤكدة أن القطاع الخاص حالياً لا يسير بآلية وسكة واحدة في التدريب، فكلُّ يغني على ليلاه –بحسب تعبير البعض- فضلاً عن ضرورة الخروج من التقليدية في المهمات الموكلة إلى العامل وفتح المجال للإبداع عبر تفعيل قسم التطوير بكافة الشركات وترسيخ الثقافة الإنتاجية.