في خضم المخاطر المحيطة بها.. رجحان كفة الأكاديمية السورية للتدريب البحري مقارنة بنظيرتها العربية لجهة لتأهيل الكوادر
دمشق – محمد زكريا
تعي وزارة النقل المخاطر المحيطة بملف الأكاديمية البحرية السورية للتدريب والتأهيل البحري ولاسيما المتعلقة بالاعتراف الثنائي من قبل السلطات البحرية الأخرى، إضافة إلى إشكاليات التدريب في فرع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا البحرية التابعة لجامعة الدول العربية في محافظة اللاذقية وتحديداً لجهة افتقارها إلى قاعات ومخابر درسية، وعدم اعتراف وزارة التعليم السورية بالشهادات التي تمنحها الأخيرة، وبحسب بعض المعنيين في وزارة النقل فإنه يجب وضع حلول سريعة لهذه الأمور وذلك من أجل كسب الاعتراف الرسمي من السلطات البحرية الأخرى.
مدير شؤون النقل البحري بوزارة النقل المهندس حسام الدوماني اعتذر عن الخوض بتفاصيل هذا الموضوع كونه يحتاج إلى موافقة وزير النقل لما له من خصوصية، مكتفياً بالإشارة إلى مساعي الوزارة وبالتنسيق مع المديرية العامة للموانئ لتوقيع عدد من الاتفاقيات مع بعض السلطات البحرية الأخرى، مثل بنما ومالطا وغيرهما من السلطات البحرية بحيث تنص هذه الاتفاقيات على الاعتراف بالشهادات التي تمنحها الأكاديمية السورية.
إشكاليات
أستاذ القانون البحري في جامعة تشرين الدكتور محمد سعيد أكد أن الطالب المسجل في الأكاديمية العربية يدرس في سورية لمدة سنة ونصف ببدل أقل بنسبة 50% عن نظيره الذي يتقاضاه في الأكاديمية الموجودة في مصر، ليذهب بعد ذلك إلى مصر ويدفع مبالغ تصل إلى أكثر من عشرة آلاف دولار في السنة، موضحاً أن شهادة الهندسة الممنوحة من هذه الأكاديمية غير معترف بها في وزارة التعليم العالي السورية لاعتبارات تتعلق بأن نظام التعليم العالي السوري يعترف بشهادة البكالوريوس في الهندسة بعد خمس سنوات وليس بعد أربع، لافتاً إلى أن المهندس الخريج فيها لا يمكن أن يكون عضواً في نقابة المهندسين السوريين.
تساؤلات
وأمام ما طرحه سعيد يبرز لدينا العديد من الأسئلة، أبرزها: لمصلحة من بقاء هذه الأكاديمية على هذه الشاكلة، ولماذا سمح لها بإعطاء شهادة غير معترف بها في سورية..؟ ولماذا لم تخضع الأكاديمية إلى رقابة وزارة التعليم العالي السورية، التي فرضت قيوداً على الجامعات الخاصة السورية من حيث الاختصاصات والمناهج ومن حيث أعداد الطلاب، ونوعية الكادر التعليمي..؟
وأشار سعيد في ذات السياق إلى أن راتب المحاضر المتفرغ في الأكاديمية لا يتعدى 180000 ليرة سورية، وفي غالب الأحيان يتقاضى المحاضر 800 ليرة في الساعة وبدخل شهري لا يزيد عن 12000 سورية، ما يعني أن قيمة عقود التدريس تأتي انطلاقاً من واقع الأجور السورية، وليس من القيمة الفعلية للعقود التي تصل إلى 2500$ شهرياً، في حين تقوم الأكاديمية على استيفاء رسوم التسجيل بالأسعار العالمية، فهل يقبل المدرس من أي بلد عربي -وليس أجنبياً- آخر بأجر محاضرة لا يتعدى 6$..؟
مقارنة
وأضاف سعيد لـ”البعث” أن الأكاديمية العربية تقوم على تدريب طلابها في المعهد الصناعي في اللاذقية بالمجان، متسائلاً لماذا تقوم وزارة التربية على تسخير كوادرها بالمجان، ولماذا لا تتقاضى الأجر اللازم وتعطي شيئاً منه للمدرس..؟ ولاسيما إذا ما علمنا أن تكلفة الساعة المخبرية الواحدة تتعدى الـ1000$ في الجامعات الأخرى، مشيراً إلى أن الأكاديمية العربية اعتمدت في سياستها كمؤسسة تجارية على تحقيق الربح الكبير بأقل التكاليف، ولم تعتمد مبدأ المؤسسة التعليمية ذات الرسالة السامية في هذا الشأن، كما اتبعت سياسة إبعاد الخبرات الحقيقية والكوادر الفعالة، وإلغاء وجود أية تجهيزات تدريبية ومخبرية تخصصية في فرعها في اللاذقية، كما أن المبنى الذي تشغله الأكاديمية تابع لمرفأ اللاذقية دون مقابل منذ 12 سنة، علماً أن القيمة السنوية للمبنى تساوي 500 مليون ليرة.
تبرير
من جانبه مساعد مدير فرع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا البحرية الدكتور طه لبادي أكد أن الخطة التعليمية لدى الأكاديمية موزعة لقسمين؛ الأول تابع لمنظومة التعليم العالي، وفيه العديد من الاختصاصات منها إدارة أعمال ونقل دولي وهندسة حواسيب، وهندسة العمارة، موضحاً أن الخطة التدريسية لهذه الاختصاصات مصادق عليها من وزارة التعليم العالي السورية وبأسعار مخفضة تناسب واقع الطالب السوري، وهي بطبيعة الحال أقل الأسعار من جميع الجامعات الخاصة. في حين أن القسم الثاني من الدراسة في الأكاديمية يتعلق بمنظومة النقل البحري، وهو ما يتبع لمنظومة العمل بالمنظمة البحرية الدولية، إذ تمنح الأكاديمية في هذا الجانب شهادات تأهيلية للبحارة معتمدة من المنظمة المذكورة، بحيث يدرس الطالب عامين في فرع الأكاديمية باللاذقية، وبعد ذلك يخضع الطالب لفترة تدريبية على ظهر السفن لمدة عام، يذهب من بعدها الطالب إلى الدراسة في الإسكندرية لمدة عام أيضاً حيث يتلقى الدروس العملية ضمن محاكيات ومخابر ذات المواصفات العالمية، ويخضع بعد ذلك للامتحان، وكل ذلك بأسعار مقبولة ومدروسة، لافتاً إلى أن فرع الأكاديمية باللاذقية أوقف تدريب طلابه على مخابر المعهد التقني الصناعي مستعيناً بمخابر جامعة تشرين، إذ يوجد ضمن هذه المخابر ورش خراطة يتم تدريب الطلبة عليها.
كفاءة
بالمقابل يسجل للأكاديمية السورية كفاءتها التدريسية مقارنة مع فرع الأكاديمية العربية إذ اعتبر مدير عام المؤسسة العامة للتدريب والتأهيل البحري المهندس محمد أحمد أن الأكاديمية السورية من أهم المشروعات الاستراتيجية التي أطلقتها المؤسسة من خلال وزارة النقل وبالتعاون الوثيق مع السلطة البحرية الممثّلة بالمديرية العامة للموانئ وبمساهمة داعمة من غرفة الملاحة البحرية السورية، مبيناً أن الطالب الخريج يحصل على شهادة ضابط نوبة ملاحية أو ضابط نوبة هندسية أو ضابط تقنيات إلكترونية بحسب اختصاصه، ويستكمل دراسته بعد استيفاء الشروط والخدمة البحرية للارتقاء إلى مرتبة الإدارة في قسم السطح (ضابط أول – ربان)، مضيفاًً أنّه وبعد صدور التعليمات التنفيذية للقانون 34 باشرت المؤسسة بمجموعة من الدورات النوعية والاختصاصية بتطبيق الاتفاقية الدولية لمعايير التدريب والإجازة والمناوبه للملاحين لعام 1978 وتعديلاتها وخاصة تعديلات مانيلا لعام 2010، وكذلك تدريب وتأهيل المرشدين البحريين في الدورات التي لم تنفذ سابقاً في الجمهورية العربية السورية.
وأضاف أحمد أن الأكاديمية تضم المحاكيات الكومبيوترية المزودة بالبرمجيات الخاصة بالتدريب البحري كالبرج ومنع التصادم والاتصالات والمناولة وتحميل البضائع، ونظام إدارة مرور السفن وغرفة المحركات وإدارة الأزمات، ومنع ومكافحة التلوث البحري، وكذلك تضم المخابر والورش المختلفة كمخبر السلامة البحرية ومخبر الإسعافات الأولية والميكانيك، ومكافحة الحريق، ومخبر الكهرباء والمسبح التدريبي حيث تتيح الأكاديمية دراسة أربعة فصول دراسية موزعة على عامين يتبعها برنامج تدريبي عملي على متن السفن لمدة 12 شهراً مخصصة لخريجي الثانويات العامة (علمي – أدبي – مهني – مهني للنقل البحري) وفق اختصاصات ملاحة – ميكانيك – تقنيات إإلكترونية. مبيناً أن تسجيل الاعتراف بالأكاديمية يأتي من قبل السلطة البحرية في سورية والمتمثلة في المديرية العامة للموانئ ولا علاقة للمؤسسة بذلك.