صحيفة البعثمحليات

الثالوث “المعمرجي”

 

بعد مسير تجهيز الأرضية البيئية والتشريعية ومع مواكبة تحدي واستحقاق البناء والإعمار كملف بارز في تاريخ البلاد الخارجة من دمار الحرب، تستجمع الإرادة الحكومية مخزون التشاركية لتشد العزائم مشرعة الأبواب لرصيد من “المعمرجية” الذين يشكلون ما قيمته البشرية نحو مليون و54 ألف عضو فاعل في ورش البناء والتشييد، والذين لطالما تحدثت الدولة بكل أقطابها وسلطاتها عن حاجتهم كقوى وطنية رديفة وحليفة للقطاع الإنشائي العام الذي يبتغي حضوراً حقيقياً لفريق الإنشائيين والمقاولين والمهندسين الضاربين في خبرة البناء والتشييد والسكن والإسكان.

ومع تلمس حيوية هذه الشريحة “الدسمة” فنياً وهندسياً وحتى مالياً راحت السلطة التنفيذية تجنح إلى التحالف والتكاتف الرامي إلى مشاركة ثالوث البناء والتشييد الخاص “نقابتي المهندسين و المقاولين والاتحاد التعاوني السكني” في إعادة إعمار سورية خلال المرحلة المقبلة، وفق رؤى استراتيجية تسهم بدور فاعل في تأمين السكن للمواطنين من خلال العمل بمشاريع التطوير العقاري وإنشاء جمعيات سكنية، ولا مانع حتى من جعل التنافسية حكماً ومبدأ للعمل والاستثمار وتوزيع الأدوار وحصص الجبهات التي سيتم التصدي لها مستقبلاً.

في سياق التصدي لاستحقاق من هذا القبيل لا يمكن غض النظر عن العقبات والتحديات التي تعترض عمل المنظمات والاتحادات المهنية في المرحلة الحالية بعيداً عن السردية والتوصيف الأجوف الخالي من الحلول والرؤى، لتنفتح الأسارير في اتخاذ قرار وطني واستراتيجي تغطي مفاعيله أجندات التنمية وتأهيل العمران وتأسيس سورية المتجددة، والجدير هنا إفراد أوراق اعتماد الأفكار والآراء التي خرجت من صلب المعاناة القطاعية والميدانية وصولاً إلى تفاصيل وحيثيات روتينية بيروقراطية تستدعي نوايا صدق العمل الخروج منها، أملاً في فرش الدرب سالكاً أمام شركات ومجموعات اقتصادية محلية راحت تستثمر المرحلة لطروحات تمثلت بإمكانية فسخ العقود المتعثرة وتمييز الشركات القابلة للتنافس وتأمين اليد العاملة وحل مشكلة الجمعيات الاصطيافية وآلية توزيع الأراضي على الجمعيات السكنية وحل مشكلة إيداعات الاتحاد التعاوني السكني في المصرف العقاري.

وعلى إيقاع لا يستدعي التأجيل والمماطلة لابد من قرارات ساخنة أهمها، الموافقة على دخول قطاع التعاون السكني إلى مناطق السكن العشوائي، بالتزامن مع استمرار نقابة المهندسين بتطوير مكاتب خدمات الطاقة لدورها في إعطاء مؤشرات متطورة عن عمل النقابة وإعادة تصنيف وتأهيل شركات المقاولات لتكون أكثر قوة وفاعلية والتوسع بعمل الشركات المتخصصة بالبناء نظراً للجدوى الاقتصادية المحققة لها ورفع سوية أداء المهندسين واستخدام التقنيات الحديثة بالعمل الهندسي.

إذاً من الجدير تفعيل دور المنظمات والنقابات وتطوير آليات عملها بما تشكله من رافعة أساسية في عمل الدولة وبنية تنموية هامة، لتقوم بالدور المنوط بها في مرحلة إعادة الإعمار، وفق استراتيجية عمل متطورة  تتضمن استثمارات خاصة في كل منها، في إطار التكامل بين الجهات الحكومية وشركائها من القطاع الخاص لبلورة رؤية مشتركة للعمل في مختلف القطاعات وبما يتناسب مع متطلبات المرحلة القادمة.

علي بلال قاسم