محاولات أولية للانطلاق من الصفر.. الوفد الاقتصادي الأرميني وغرفة تجارة دمشق يؤسسان لإنعاش التعاون التجاري بالأفعال لا بالأقوال!
دمشق – ريم ربيع
رغم خجل التعاون الاقتصادي السوري الأرميني وتواضعه خلال السنوات السابقة، قد تشكل زيارة الوفد الاقتصادي الأرميني لسورية ولقاءاته التي كان آخرها في غرفة تجارة دمشق أمس، الحجر الأساس لإنعاش العلاقات الاقتصادية وجعلها ترتقي إلى العلاقات التاريخية بين البلدين، مستغلين الانفتاح على التعاون والاستثمار بكل ما يخص إعادة الإعمار، وسط تأكيد حكومي على تقديم كافة أشكال الدعم والتسهيلات للمشاريع الاستثمارية، وأبدى الوفد الأرميني جدية في التعاون، حيث طغى على الاجتماع إصرار البعض على الجانب العملي بدل “السلام والكلام والترحيب والعودة إلى التاريخ”.
رئيس اتحاد غرف التجارة السورية غسان القلاع أكد الاهتمام الكبير بالزيارة والتفاؤل بالآثار الجيدة المترتبة عليها في مجالات عديدة، خاصةً أن معظم اليد العاملة الماهرة في الميكانيك والصناعات الكيميائية والكهرباء هي من الخبراء الأرمن في سورية، مشيراً إلى الاهتمام الكبير لسورية في مجال تدوير الأنقاض المتقدم في أرمينيا.
رئيس الجالية السورية في أرمينيا د.جورج بارسخيان بدا متحمساً للجانب العملي والتنفيذي، حيث شدّد مراراً أن الزيارة ليست شكلية ولا عاطفية، بل الغاية منها وضع العناوين العريضة لاستئناف التعاون التجاري بما يلائم طبيعة العلاقات، ولفت بارسخيان إلى محاولات الجالية السورية للمشاركة في إعادة الإعمار حسب قدراتها، وهو ما دفع رجال الأعمال لهذه الزيارة لتنشيط التجارة السورية الأرمنية والمشاركة في إعادة الإعمار، ووضع النقاط على الحروف في القوانين التجارية حيث يوجد بوادر أولية جيدة جداً.
وفي الوقت الذي استغرب فيه القلاع غياب أرقام التبادل التجاري بين البلدين، أشار أمين سر غرفة تجارة دمشق محمد حمشو إلى الاهتمام الكبير في إعادة تفعيل تلك الأرقام والوصول إلى اتفاقات مشتركة للتعاون الاقتصادي، متيحاً للوفد الاطلاع على فرص الاستثمار الموجودة لترسيخ الجانب العملي في الاجتماع، ولاسيما في ظل تميز الجانب الأرميني بشركات البناء وتوليد الكهرباء وتدوير الأنقاض، وهي جل اهتمامات سورية في هذه المرحلة، مقترحاً كخطوة أولى إطلاق شراكات بين رجال الأعمال، وتوقيع اتفاقات لتبادل المعلومات ريثما يتم الاتفاق على تنفيذ المشاريع.
ليون زكي رئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني بيّن أن الوفد يضم رجال أعمال ومستثمرين جاهزين للاستثمار في سورية، للبدء بإجراءات عملية لئلا يبقى الحديث على الأوراق، الأمر الذي اعتبره حمشو يقع على عاتق المجلس لتطوير العلاقة الاقتصادية بحيث تكون الآلية مشتركة عبر مجلس الأعمال، مقترحاً إنشاء نظير له في أرمينيا لسهولة التعاون.
ولدى غياب الصورة الواضحة لآلية التعاون طرح المستثمرون الأرمينيون استفسارات حول كيفية التبادل التجاري وما يترتب على توريد الآليات وافتتاح شركات، والتسهيلات المقدمة للمستثمرين في سورية، ليوضح القلاع أن قانون الاستثمار يسمح للأجنبي بالاستثمار منفرداً أو بالشراكة، إلى جانب السماح بالتصدير لمعظم المنتجات، وإتاحة التعامل المصرفي في حال توقيع اتفاقية اقتصادية تتضمن تحويلات مصرفية. فيما بين حمشو إمكانية استيراد بعض البضائع غير المدرجة في العقوبات الاقتصادية، مشيراً إلى التسهيلات المقدمة لاستيراد آلات المشاريع والمعامل. من جهة أخرى كان لبعض المشاركين مطالبات بتسهيل إجراءات الاستيراد من قبل الجانب الأرميني، وإزالة العقبات المعوقة لتصدير المنتجات السورية “الغذائية خاصة” إلى أرمينيا.
ولخصت غرفة التجارة مقترحاتها بتأمين خط نقل جوي لسهولة نقل البضائع بين البلدين، وتوقيع اتفاقية لجذب وحماية الاستثمارات ومنع الازدواج الضريبي لتكون أرمينيا بوابة عبور المنتجات السورية إلى آسيا الوسطى، ولتشكل سورية بالمقابل قناة تصريف المنتجات الأرمينية كونها عضواً في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى. وكانت غرفة تجارة دمشق أوضحت في دراسة لها أن حجم التبادل التجاري بين البلدين 37 مليون ليرة فقط في 2012، فيما تراجعت هذه الأرقام بعد الأزمة في سورية، ووفقاً لبيانات المكتب المركزي للإحصاء فإن الأرقام المتدنية حدت من ظهور العلاقات مع أرمينيا ضمن بند مستقل، وإنما ضمن دول أوروبية أخرى.
يذكر أن أهم الصادرات السورية إلى أرمينيا هي الألبسة والأحذية وأدوية الطب البشري وألات ومعدات التجميد، فيما تشكل آلات حفر وسبر الأعماق والتنقيب ومصنوعات المطاط المبركن أهم المستوردات السورية من أرمينيا.