ماكرون وشعبويو إيطاليا
مد، إيمانويل ماكرون، أفضل صديق لأوروبا، يد العون للشعبويين الإيطاليين، ووعد، خلال خطابه المتلفز للشعب الفرنسي، والذي دام 13 دقيقة، بزيادة الحد الأدنى للأجور وتخفيض الضرائب، بما في ذلك للمتقاعدين من ذوي الدخل المحدود، لاسترضاء متظاهري “السترات الصفراء”.
هذه التدابير المعلنة يمكن أن تزيد نسبة العجز في الميزانية من الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا إلى 3.5 في المئة، أي أكثر من السقف المسموح في الاتحاد الأوروبي البالغ 3 في المئة، وفقاً لما نقلته صحيفة “ليزيكو” الفرنسية.
وبسبب تلك القواعد نفسها، تواجه إيطاليا احتمال قيام المفوضية الأوروبية بإطلاق إجراءات عجز مفرطة على أساس الدين العام الضخم لإيطاليا، رغم أن الحكومة الإيطالية كانت قد أعلنت أنها ستزيد عجز الميزانية إلى 2.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتمويل وعودها الانتخابية، مثل زيادة الدخل الأساسي للجميع وإصلاح معاشات التقاعد، فهل يوافق بيير موسكوفيتشي، مفوّض الشؤون الاقتصادية والمالية في الاتحاد الأوروبي، على وعود ماكرون بتخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق العام؟. خلال جلسة استماع في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، قال موسكوفيتشي: “إن اللجنة ستنظر في الخطط الفرنسية عن كثب”، مشيراً إلى أن الوضع مختلف عمّا هو الحال في إيطاليا.
لكن مع ذلك، سيكون الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة للجنة في سعيها من أجل المضي قدماً في خططها لمعاقبة روما على إنفاقها الزائد. بينما لم تتمّ محاسبة فرنسا حتى الآن بسبب إخلالها بقواعد الاتحاد الأوروبي، وإلحاق الضرر بالمفاوضات الجارية بشأن ميزانية منطقة اليورو، التي تزعمتها فرنسا.
حالياً، “تواجه أوروبا أزمة سياسية عميقة”، كما تقول تيزيانا بيغين، عضو البرلمان الأوروبي والقيادية البارزة في حزب النجوم الخمس الإيطالي، لذلك تنتظر إيطاليا كيف سيتمّ تنفيذ وعود ماكرون، لكن هناك أمراً واحداً مؤكّداً، فحسب تيزيانا: “لن نقبل بوجود مواطنين من الدرجة الأولى والدرجة الثانية في أوروبا”، ولن تقبل إيطاليا ازدواجية في تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي، خاصةً أن حركة النجوم الخمس كانت من بين المؤيدين الأكثر قوة لحركة “السترات الصفراء”، والتي ترى أنها حركة ضد النخب الأوروبية والقواعد المالية.
النخب السياسية في إيطاليا أدلت بدلوها في هذا الشأن، ففي حديثه أمام البرلمان الإيطالي قال رئيس الوزراء جيوسيبي كونتي: إنه سيراجع في ستراسبورغ سبب إجبار إيطاليا على مراجعة التزاماتها السابقة وزيادة الإنفاق العام، خاصةً أن الإيطاليين صوّتوا لإنهاء السياسات التي أفقرت المواطنين، وشاركه زعيم حركة النجوم الخمس ونائب رئيس مجلس النواب لويجي دي مايو بالقول: “إن مطالب المحتجين الفرنسيين هي بالضبط ما أدرجتاه في قانون الموازنة”.
من الواضح أن خطاب ماكرون سيجبر المفوضية، ولاسيما المفوّض الفرنسي، على التفكير بجدية قبل فرض العقوبات، لأن مثل هذا الإجراء سيدخل الاتحاد الأوروبي في متاهة التفكّك، بعد أن انتقلت العدوى إلى عدد من الدول الأوروبية، خاصة إيطاليا المثقلة بالديون، لذلك إن انعطافة فرنسا جاءت بناءً على طلب المواطنين، وهذا ما تتطلبه إيطاليا حالياً، كما يقول مسؤول حكومي في روما.
عناية ناصر