اليمن يقسّم الجمهوريين
بتصويت تاريخي أظهر غضب المشرّعين بسبب الأزمة الإنسانية في اليمن واغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، إذ صوّت مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح قرار ينهي الدعم العسكري الأمريكي للتحالف بقيادة النظام السعودي، الذي يشن الحرب على اليمن، متحدياً بذلك الرئيس دونالد ترامب.
وللمرّة الأولى يصوّت أعضاء مجلس الشيوخ بأغلبية 56 صوتاً مقابل 41 لإصدار اقتراح بسحب القوات الأمريكية من مشاركة عسكرية في الخارج بموجب قانون صلاحيات الحرب.
وعلى الرغم من النتيجة التاريخية، يجب على قرار مجلس الشيوخ أن يزيل المزيد من العقبات قبل أن يصبح قانوناً، ووعد الجمهوريون الذين يشكّلون الغالبية تأجيل مناقشة الاقتراح حتى الدورة القادمة للكونغرس في العام الجديد عند تمرير القانون إلى مجلس النواب الأمريكي، وقد يطرأ العديد من تغييرات على القرار حالما يعقد الديمقراطيون دورتهم الجديدة في مجلس النواب في كانون الثاني، وفي حال تمّت الموافقة عليه في مجلس النواب، فسيحال بعد ذلك إلى البيت الأبيض للتوقيع عليه.
رغم ذلك، تعهّد ترامب باستخدام الفيتو ضد مشروع قانون صلاحيات الحرب، ما يعني أن القرار سيعود إلى مجلس الشيوخ، حيث لا يمكن تجاوز الفيتو الرئاسي إلا بتصويت ثلثي الأعضاء لصالحه.
ومن غير المرجح أن يُبطل مجلس الشيوخ الفيتو، لأن الجمهوريين المدعومين من ترامب حصلوا على عدد أكبر من المقاعد في مجلس الشيوخ خلال الانتخابات النصفية التي جرت عام 2018.
ومع ذلك، فإن هذا التصويت هو المرة الأولى التي يستغل فيها المشرعون الأمريكيون قانون صلاحيات الحرب لعام 1973، والذي يسمح لأي عضو في مجلس الشيوخ بتقديم قرار بسحب القوات المسلحة الأمريكية من نزاع غير مصرح به من قبل الكونغرس.
إذا تمّ التوقيع على مشروع القانون، فإنه يتطلب في غضون 30 يوماً إنهاء كافة أشكال المشاركة الأمريكية في الحرب على اليمن، التي لم تحصل على موافقة الكونغرس. في الواقع ضغطت إدارة ترامب بشدة ضد قرار مجلس الشيوخ، وذلك بإرسال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ووزير الدفاع جيمس ماتيس في أواخر تشرين الثاني لإطلاع أعضاء مجلس الشيوخ على علاقة الولايات المتحدة بالنظام السعودي، وأصر كبار المسؤولين على وجوب حفاظ واشنطن على دعم التحالف الذي تقوده السعودية كون الرياض حليفاً رئيسياًَ للولايات المتحدة في المنطقة.
يبدو أن تلك الخطة قد فشلت، حيث أعرب الساسة من كلا الحزبين الأمريكيين الرئيسيين عن غضبهم من استمرار دعم إدارة ترامب لآل سعود، على الرغم من الوضع المزري الذي وصل إليه اليمن، ووجّهوا انتقادات لاذعة لماتيس وبومبيو: “يجب أن تتعمّد الإصابة بالعمى كي لا تتوصل إلى أن الجريمة رتبت من قبل أشخاص يعملون تحت إمرة ابن سلمان”.
بالإضافة إلى ذلك، قادت قضية خاشقجي العديد من الجمهوريين للابتعاد عن الرئيس بسبب تعهّده بالوقوف إلى جانب محمد بن سلمان، وفي الآونة الأخيرة عبّر عدد من المشرعين الجمهوريين عن إحباطهم بسبب منع مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هسبل- التي خلصت وكالتها إلى أن محمد بن سلمان أمر بقتل خاشقجي- من إطلاعهم على نتائج وكالة الاستخبارات المركزية.
وربطاً بين القضيتين، فقد سلّط مقتل خاشقجي الضوء على الأثر المدمّر للحرب على اليمن، رغم أن الأمم المتحدة حذّرت مراراً من أن عشرات الآلاف من المدنيين لقوا حتفهم منذ بداية العدوان، في حين أن ما يصل إلى 14 مليون يمني على حافة المجاعة، ما يعني أن النواب الأمريكيين ضجروا من علاقة ترامب مع ابن سلمان، فهل تقرن إدارة ترامب الأقوال بالأفعال، أم تواصل سياسة المساومة لاقتناص المزيد من الأموال والصفقات من النظام السعودي؟!.
سمر السمارة