بين السياسة والاقتصاد..؟!
أصبح شبه مؤكد أن ما استطاعته سورية خلال نحو السنوات الثماني من عمر الحرب الظالمة عليها، غير الكثير من المعادلات الإقليمية والسيناريوهات الدولية.
وأنها بصمودها وبإثباتها أنها ليست فقط رقماً صعباًً في الخارطة الجيوسياسية، وأنها ليست صفراًً على اليسار كما كان مخطط لها لتكون “دولة فاشلة”، بل صفراً على اليمين بعد متوالية من الأرقام والأصفار، في حسابات المشاريع الاقتصادية الدولية والإقليمية.
هذه السورية اليوم وتباشير الحراك السياسي العالمي المغلف بأثواب الأشقاء، تنبئ قادمات أيامها -القريب منها والبعيد- بعديد من المؤشرات الإيجابية على مختلف الصعد وفي مختلف الاتجاهات.
ولعل زيارة الرئيس السوداني البشير إليها ولقاءه السيد الرئيس بشار الأسد، وبعده مباشرة الإعلان عن زيارة مرتقبة للرئيس العراقي، لهو بداية لتشكل الدليل على ما أسلفنا أعلاه.
ولو عدنا لما صرحت به السودان وعلى لسان مساعد رئيسها فيصل حسن إبراهيم، الذي قال وبحسب شبكة “الشروق” السودانية: إن الزيارة تأتي في إطار جمع الصف العربي، ولتجاوز الأزمة السورية بعد حالة التخاذل التي تشهدها الساحة العربية في كثير من المحافل”، وتوضيحه أن “التدخلات الدولية والإقليمية التي تشهدها سورية تستوجب العمل على إنهاء الصراع وتقوية الصف وتضميد جراح سورية، ووحدة القرار والصف العربي”.
لوجدنا أننا أمام سيناريو تُرسم مشاهده بحبر سوري غالٍ، وعقل سوري حكيم، يعلم ويدرك أن المصالح وليست المبادئ، هي من يحكم العلاقات الدولية؛ فكيف وإن مُزجت المصالح بالمبادئ، في بوتقة وحدة القرار والصف العربي..؟!
ولأن قلب العروبة استعصى على كل محاولات وقف نبضه، وأثبت أنه الأجدر لبعث الحياة في جسد العروبة، ومشروعها في “العمل العربي المشترك”، هو اليوم ومن بوابة حضارته وتاريخه، بأبجديته وحبة قمحه الأولى ومحراثه ولحنه الأول التي أهداها للبشرية، أمام مهمة صياغة جديدة للخارطة السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية، بعد أن تَقَدَم له من أوراق اعتماد ما تقدم سراً وعلانية.
وكما كانت الأرض السورية بموقعها ومقدراتها وإبداعات إنسانها، أرض هدية وهداية للبشرية، ستظل هي هي رغم كل محاولات التدمير والتفتيت التي آلت إلى الفشل ومن المنتظر أن يكون لها حضور اقتصادي عربي وازن وأن تستعيد دورها في هذا المجال أيضا.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com