أنين طفولي!
الكثير من القصص والمشاهد تؤكد الحضور القوي لتداعيات الأزمة في حياة الأطفال الذين كانوا في مقدمة ضحايا الإرهاب الذي جعل من العنف بمشاهده المرعبة المخزون المتزايد في ذاكرتهم، وفي الوقت ذاته تدعونا العديد من الوقائع لسماع ذلك الوجع الاجتماعي الذي نسمع أنينه في كل بيت، حيث يعاني الناس اليوم من تراكمات نفسية في حياة أطفالهم تتجلى بالخوف، والتخلف الدراسي، والفشل المتكرر في اكتساب أية مهارات جديدة، وسيطرة السلوكيات العدوانية على تصرفاتهم، وفقدان الثقة بالنفس وبالآخرين، عدا عن عدم احترام القانون والقيم الاجتماعية، حيث ارتسمت في ذهنهم مشاهد جديدة للحياة تتسم بالعنف، والقتل، وغياب الرحمة والشفقة، وعدم احترام الآخرين كالأهل والمدرّسين، ويمكن القول هنا بأن ما يجري في حياة الطفولة ينبىء بارتفاع نسبة الجريمة في المستقبل، وسنصادف الكثير من الحالات النفسية التي ستحول مجتمعنا إلى مجتمع مريض، فاقد للقيم، وغارق في الجريمة.
الغريب أن تحرك أو تفاعل الجهات التربوية مع هذا الواقع الطفولي مازال بطيئاً وغير قادر على معالجة أو تضميد الكثير من مظاهر العنف التي تتكاثر في المدارس، خاصة في غياب كوادر الإرشاد النفسي والاجتماعي فيها التي يمكن أن يكون لها دور في التخفيف من وطأة الأحداث الأليمة على الأطفال، وتوعيتهم نفسياً من خلال جلسات مساندة لمساعدتهم في التغلب على هذه الظروف المعقدة التي لا نعرف متى ستنتهي زمنياً، فهل يدرك أصحاب القرار التربوي أهمية التركيز على العامل النفسي في المدارس التي اعتادت الحضور الشكلي للمرشدة الاجتماعية أو النفسية، بحيث يتم وضع خطة متكاملة بهذا الخصوص للعام الدراسي القادم، أم تبقى الأمور على حالها فنكون شركاء في جريمة ضياع الجيل، وتخريب المستقبل؟!.
بشير فرزان