بوتين: العام المقبل انطلاق مرحلة جديدة لتسوية الأزمة في سورية الجعفري: الدستور شأن سيادي.. وعلى داعمي الإرهاب الخروج من حالة الانفصال عن الواقع
شدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور بشار الجعفري، خلال جلسة لمجلس الأمن، على أن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرّره السوريون بأنفسهم دون أي تدخل خارجي، داعياً الدول التي دعمت الإرهاب إلى الخروج من حالة الانفصال عن الواقع، وأن تدرك بأنها لن تحصل بالسياسة على ما لم تحصل عليه بالإرهاب، فيما أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن السوريين وحدهم يقودون العملية السياسية في بلدهم دون أي تدخل خارجي.
بالتوازي أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال مؤتمره الصحفي السنوي، أن العام المقبل سيشهد انطلاق مرحلة جديدة لتسوية الأزمة في سورية، ولاسيما بعد انتهاء العمل على تشكيل لجنة مناقشة الدستور، التي تم التنسيق بشأنها بشكل كامل مع القيادة السورية، التي قدّمت قائمة من 50 شخصاً، كما وافقت على قائمة أخرى ضمّت 50 شخصاً من المجتمع المدني، وتمّت إحالة القائمة بعد ذلك إلى الأمم المتحدة، فيما أكد ألكسندر يوشنكو نائب رئيس لجنة السياسة الإعلامية في مجلس الدوما الروسي أن الشعب السوري هو الذي انتصر على تنظيم داعش الإرهابي وليس الولايات المتحدة كما يدعي الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، في وقت أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني ضرورة المضي قدماً في اجتماعات أستانا للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في سورية، مشدداً على أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل بلاده.
وفي التفاصيل، أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الحالة في الشرق الأوسط، أن سورية منفتحة على أي مبادرات لمساعدتها في الخروج من الأزمة الحالية، وهي جاهزة للمشاركة الفعالة في أي جهد صادق يهدف إلى الوصول لحل سياسي يقرّر فيه السوريون وحدهم مستقبلهم وخياراتهم عبر الحوار السوري-السوري وبقيادة سورية وعلى أساس أن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلده دون أي تدخل خارجي، وبما يضمن سيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها.
وشدّد على أن نجاح أي مسار سياسي في سورية يتطلب العمل عن كثب مع الدولة السورية والتنسيق المسبق معها حول مختلف الأمور ذات الصلة، كما يتطلب التزاماً دولياً وإرادة سياسية حقيقية لدى الجميع للقضاء على ما تبقى من فلول الإرهابيين بشكل كامل، وإنهاء وجود القوات الأجنبية غير الشرعية على الأراضي السورية، والتوقّف عن عرقلة الجهود الصادقة التي تبذلها الحكومة السورية بالتعاون مع حلفائها للوصول إلى الحل السياسي المنشود، لافتاً إلى أن سورية وانطلاقاً من مسؤولياتها الوطنية وحفاظاً على مصالح شعبها أبدت تعاوناً والتزاماً كبيرين مع جهود الأمم المتحدة، بدءاً بمهمة مبعوثها كوفي عنان، مروراً بمهمة الأخضر الإبراهيمي، وصولاً إلى مهمة ستافان دي ميستورا، وهي ترحّب اليوم بتعيين غير بيدرسن مبعوثاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، وتعبّر عن استعدادها للعمل والتعاون معه عن كثب.
وأكد الجعفري حرص سورية على أن ترى لجنة مناقشة الدستور الحالي، المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، النور في أقرب وقت ممكن، موضحاً أن الدولة السورية كانت أول من سلّم قائمة الأعضاء المدعومين منها، وانخرطت بجدية كاملة مع حلفائها للتغلب على العراقيل التي فرضتها بعض الأطراف لتعطيل تشكيلها وحرفها عن مسارها الصحيح والهدف المنشود منها، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يشكك في دعم الدولة السورية لهذه العملية أو في التزامها بمخرجات مؤتمر سوتشي، وجدد التأكيد على أن الدستور، وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرره السوريون بأنفسهم دون أي تدخل خارجي، ولا يجوز فرض أي شروط أو استنتاجات مسبقة بشأن عمل اللجنة والتوصيات التي يمكن أن تخرج بها، فاللجنة سيدة نفسها، وهي التي تقرر ما سيصدر عنها، وليس أي دولة أو طرف آخر، ولا يجوز فرض أي مهل أو جداول زمنية مصطنعة فيما يخص عمل اللجنة، لأن ذلك ستكون له نتائج عكسية، حيث إن الدستور سيحدد مستقبل سورية لأجيال قادمة.
وأوضح الجعفري أنه بعد مرور نحو ثماني سنوات من الحرب الإرهابية على سورية لا بد من التوقف عند مفارقة عجيبة لدى بعض الدول تتمثّل في تعارض واضح بين أقوالها وأفعالها، متسائلاً: كيف تتسق أقوال هذه الدول بضرورة احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها وبأن الحل يجب أن يكون سورياً سورياً وبقيادة سورية دون أي تدخل خارجي مع أفعالها، ولاسيما لجهة عدوانها العسكري المباشر على سورية وغزوها أجزاء منها ودعمها للمجموعات الإرهابية وإنشائها مجموعات سياسية لا هدف لها سوى عرقلة الحل السوري، وفرض الوصفات المسبقة التي ثبت فشلها، ومحاولاتها البائسة لرسم مشهد صدامي، وتوزيع جديد للأدوار بهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة عبر تأليب دولها ضد بعضها البعض خدمة لـ “إسرائيل” وحلفائها وبهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وشدّد الجعفري على أن استمرار النفاق السياسي تحت قبة مجلس الأمن يفضح النوايا الحقيقية لسياسات الدول التي زجت كل إمكانياتها العسكرية والإعلامية والسياسية على مدى ثماني سنوات، تمّ خلالها الإمعان في دعم الإرهاب في سورية والاستثمار فيه، في تناقض صارخ مع كل القرارات التي اعتمدها هذا المجلس، وأدت إلى كوارث لا يمكن تعدادها وحصرها طالت الأبرياء من أبناء الشعب السوري، وأضاف: إن الوقت حان أكثر من أي وقت مضى كي تتم قراءة الوضع في سورية بطريقة موضوعية وصحيحة تهدف إلى مساعدة سورية في التخلص من الحرب الإرهابية، التي بدأت بمساعدة حلفائها في كتابة الفصل الأخير منها، وفي القضاء على ما تبقى من فلول تنظيمي “داعش” وجبهة النصرة والمجموعات الإرهابية المرتبطة بهما بدلاً من الاستمرار باعتماد مواقف متطرفة بهدف ابتزاز الحكومة والشعب السوري وإطالة أمد هذه الحرب الإرهابية وتوسيع آثارها التدميرية على سورية والمنطقة والعالم، لافتاً إلى أن الوقت حان أيضاً لأن تخرج الدول الداعمة للإرهاب من حالة الانفصال عن الواقع وأن تتخلى عن آخر أوهامها وأن تدرك أنها لن تحصل بالسياسة على ما لم تحصل عليه بالإرهاب.
بوتين: سحب القوات الأمريكية من سورية خطوة صحيحة
يأتي ذلك فيما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن وجود قوات أمريكية في سورية غير شرعي، وأن سحبها خطوة صحيحة، رغم عدم وضوح معالمها، فحتى الآن لا نرى مؤشرات على هذا الانسحاب، لافتاً إلى أن القوات الأمريكية موجودة في أفغانستان منذ 17عاماً، وكل عام يتحدّثون عن الانسحاب من هناك، لكنهم ما زالوا موجودين، وأشار إلى أنه تم توجيه ضربات قاصمة لتنظيم (داعش) الإرهابي في سورية، محذراً من خطر تسلل إرهابيي التنظيم من سورية إلى المناطق المجاورة بعد تحرير معظم الأراضي السورية من سيطرة الإرهابيين.
وأوضح بوتين أن العام المقبل سيشهد انطلاق مرحلة جديدة لتسوية الأزمة في سورية ولاسيما بعد انتهاء العمل على تشكيل لجنة مناقشة الدستور التي تم التنسيق بشأنها بشكل كامل مع القيادة السورية التي قدمت قائمة من 50 شخصاً، كما وافقت على قائمة أخرى ضمت 50 شخصاً من المجتمع المدني، وتمت إحالة القائمة بعد ذلك إلى الأمم المتحدة، وأضاف: تبيّن أن الممثلين الأمميين، وخاصة المبعوث الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا، قرروا بشكل مفاجئ التروي، مدفوعين من ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، لكن هذا العمل يدخل مراحله النهائية، ونأمل في أن يتم الاتفاق على هذه القائمة أوائل العام المقبل، إن لم يتم في أواخر السنة الجارية، لتبدأ المرحلة الجديدة من الحل، معرباً عن ارتياح بلاده بشكل عام لسير العمل على حل الأزمة في سورية.
وكان ألكسندر يوشنكو، نائب رئيس لجنة السياسة الإعلامية في مجلس الدوما الروسي، أكد أن القوات الأميركية متواجدة في سورية بشكل غير قانوني ولم يدعهم أحد إلى هناك.. وهم لم يخرجوا بشكل ذاتي من أي مكان كانوا قد دخلوه، لذلك ما يقولونه شيء، وما هم على استعداد لفعله ولاتخاذ خطوات حقيقية في هذا الاتجاه شيء آخر، وأضاف: أما بالنسبة لتصريح ترامب أن الأمريكيين انتصروا على داعش، فيمكنني القول: إن ترامب غالباً ما يكثر من التصريحات الاستعراضية.. وما تصريحه الأخير هذا سوى محاولة لتحسين صورته، وهذا جوهر أسلوبه، وتابع: أما ما حدث في الواقع، فهو أن الحرب الطويلة التي شنها تنظيم داعش الإرهابي في سورية لم ينتصر فيها إلا الشعب السوري وبمساعدة من القوات الجوية الروسية.
روحاني: الشعب السوري هو من يقرّر مستقبل بلاده
وفي أنقرة، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني ضرورة المضي قدماً في اجتماعات أستانا للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في سورية، مشدّداً على أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل بلاده، وقال، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس النظام التركي رجب أردوغان: “إن سورية مهمة جداً بالنسبة لنا، ويجب علينا أن نحترم سيادتها ووحدة أراضيها، وسنستمر بالتعاون من أجل استتباب الأمن والسلام فيها”.
وفي بيروت، أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن محور المقاومة انتصر في معركته على الإرهاب، وأن إعلان أمريكا انسحاب قواتها من سورية يدل على فشل مشروعها في المنطقة، فيما أكدت كتلة الوفاء للمقاومة اللبنانية أن سورية انتصرت على الإرهاب، وأن الحل السياسي في سورية هو الضمان الحقيقي لأمنها واستقرارها.