انتصروا للمال العام..!؟
ليست قروضاً متعثرة تحملتها الدولة ولا تزال تعاني من تبعاتها ومن كيفية استرجاعها، بينما لم يتحمل من أخذها وحقق ما حقق من أرباح وثروات، مسؤولية وإلزامية إعادتها شرعاً وقانوناً، وكأنها أموال “سائبة” أباحها لنفسه بمعية البعض ممن تستر وسكت عن المطالبة بها..!؟
كما ليست منشآت وعقارات حكومية بعقود إيجار لـ”الخاص”، استفاد منها الأخير أيضاً ولسنوات طوال، في تجميع أرباح وثروات، على حساب خزينة الدولة، نتيجة لتأجيرها ببدلات استثمارية هزيلة..!؟
إنها تفاصيل الفساد وأزلامه من خبراء تسخير المال العام، الذين فوتوا على اقتصادنا الوطني – ولا نبالغ – مئات المليارات من الليرات، سواء قبل الأزمة أو خلالها..؟
تفاصيل لو قُدِّر كشفها لكانت حصيلة نتائجها المالية وغير المالية ما يذهل، وها نحن الآن نحاول وضع البعض من كثيرها في دائرة الضوء، عل وعسى، يتلقف المعنيون المراد منهم فعله ومتابعته، انتصاراً للمال العام وحقوق خزينته وحقوق الوطن والمواطن.
في إحدى المؤسسات المختصة بأعمال ونشاط محدد، عمد أحد فروعها، إلى الدخول لنشاط تجاري مغاير لما درج عليه وفق قوانين إحداث مؤسسته، وعلى الرغم من أننا لسنا ضد ذلك وخاصة في ظل الأزمة، لكن هذا الدخول لم يكن لجني عائدات مالية مشروعة يدعم فيها أعماله وأعمال المؤسسة الأم ومتطلبات استدامتهما..!؟
فقد تبين لنا أن الدخول كان لمنافع مالية خاصة ومن جيب الخزينة العامة..! إذ قام المنتفع بلعب دور الوسيط بين التجار في السوق الخاص وبين بعض شركات قطاعنا العام، مسقطاً العلاقة التي كانت مباشرة بين تلك الشركات والتجار، ليزيد بتدخله من أسعار المواد التي كان تستجرها تلك الشركات، والتي كانت أقل وبنسبة هامة حين يتم شراؤها من التاجر مباشرة، والتفصيل هنا مقدار “الكمسيون” الذي سيدخل جيب المتنفع، ومن أين..!؟ ليس من التاجر، بل من جيب الشركة وبالتالي الخزينة العامة.!
مثال أخر: أحد عقود الاستثمار الذي وقع مع شركة خاصة لاستثمار منشأة عامة كبرى، وفي أحد البنود الخاصة بالتجديد والاستبدال والإصلاح والصيانة، لعدد من التجهيزات والمعدات في المنشأة والتي على المستثمر تنفيذها، فقد قام الأخير بالتنفيذ، ومن دون أن يكون هناك لجنة من الوزارة المعنية للاتفاق على ما يجب أن يتم، وبالتالي التدقيق والإشراف والتقييم على ما ينفذه المستثمر، والفضيحة أن اللجنة تم تشكليها بعد نحو ثمانية أشهر، أي بعد أن نفذ المستثمر ما لم يُعلم أنه قد نفذه فعلاً أم لا..!؟ وللعلم أن المبلغ المرصود لتلك الأعمال تبلغ عدة ملايين من الدولارات..!
نكتفي مما يوجع قلب وجيب اقتصادنا الوطني، ونختم بما نبَّه إليه ومنه السيد رئيس الجمهورية خلال اجتماعه مع الحكومة المعدلة مؤخراً، “الثغرات في القوانين” التي تفسح المجال للمفسرين وللمتلاعبين، للتطاول على المال العام..!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com