ماتيس يوقـّع أمر سحب القوات من سورية موسكــو: لا نثق بنوايا واشنطـن
وسط أجواء من عدم الثقة بصدق ما تعلن عنه الإدارة الأمريكية، وقع وزير الدفاع الأمريكي المستقيل جيمس ماتيس أمر سحب القوات الأمريكية من سورية.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد أن الولايات المتحدة تواصل انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي الأساسية حول سورية، فيما شدد نائبه سيرغي ريابكوف على أن موسكو لا تؤمن بنوايا الولايات المتحدة بخصوص إعلان سحب قواتها من سورية ولا ترى أي جديد في سياسة واشنطن تجاهها بعد هذا الإعلان.
وفيما أشار خبراء ومحللون سياسيون روس إلى أن دوافع ترامب للإعلان عن سحب قواته ما زالت غامضة مثل نتائج هذه الخطوة في حال تنفيذها، أكدت إيران أن سورية هي من هزمت داعش وليست القوات الأمريكية كما تدعي واشنطن.
وفي التفاصيل، وقع وزير الدفاع الامريكي المستقيل جيمس ماتيس أمر سحب القوات الأمريكية من سورية تنفيذاً لقرار اتخذه الرئيس دونالد ترامب والذي زعم أن قواته هزمت تنظيم داعش الإرهابي ولا داعي لبقائها في محاولة عبثية للتغطية على حقيقة أن الجيش العربي السوري هو من هزم هذا التنظيم.
وكان البيت الأبيض أعلن الأربعاء الماضي بدء سحب القوات الأمريكية الموجودة في سورية والانتقال إلى المرحلة التالية من حملته في إشارة إلى حملة التحالف غير الشرعي الذى تقوده واشنطن وتزعم محاربة تنظيم داعش الإرهابي من خلاله.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية: تم توقيع أمر التنفيذ بشأن سورية دون أن يقدم تفاصيل حول ذلك. وجاء توقيع الوزير المستقيل بعد أن أعلن ترامب أول أمس أنه سيختار خلفا لـ “ماتيس” قبل شهرين من الموعد المقرر في تحرك يقول مسؤولون إن سببه غضب الرئيس الأمريكي من الانتقادات لسياسته الخارجية التي وردت في خطاب استقالة ماتيس.
إلى ذلك أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريح لوكالة سبوتنيك الروسية: إن حل مشكلة وجود الولايات المتحدة غير الشرعي والمسلح في سورية قد يكون صعباً، لافتاً إلى أن واشنطن تضع باستمرار شروطاً جديدة تنتهك سيادة ووحدة وسلامة الأراضي السورية رغم أن هذه المبادئ موجودة في قرارات مجلس الأمن الدولي الأساسية، وأضاف: لنر ما ستكون نتيجة المغادرة من سورية التي أعلنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
وحول العلاقات الروسية الأميركية أكد لافروف عدم إمكانية تطبيع هذه العلاقات بسبب تصرفات واشنطن غير الودية ومحاولاتها الضغط على موسكو، مشيراً إلى توقف العمل في المجالات العامة في جدول الأعمال الثنائي والدولي بين الجانبين بما في ذلك ما يتعلق بالحفاظ على الاستقرار والأمن في العالم نتيجة لهذه التصرفات.
ولفت وزير الخارجية الروسي إلى استمرار بلاده بالدعوة إلى تطوير حوار طبيعي مع الولايات المتحدة يستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل واحترام المصالح، معرباً عن أمل روسيا بألا يؤدي اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية الجديدة إلى مزيد من التدهور في العلاقات وقال: لقد اعتدنا على حقيقة أن العوامل الانتهازية المرتبطة بالسياسة الأميركية الداخلية تؤثر على علاقاتنا الثنائية وتخلق صعوبات إضافية في بناء الحوار وانه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في تشرين الثاني 2020 فإن محاولات السياسيين الأميركيين اللعب بـ (الورقة الروسية) ستنفذ على نحو أكثر نشاطاً واستمراراً.
نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قال للصحفيين في موسكو رداً على سؤال حول كيفية تأثير إعلان الانسحاب الأمريكي من سورية على المقاربات الروسية تجاه حل الأزمة: إن نهجنا يستند إلى القرار 2254 وهو واضح على الأقل من خلال تلك التعليقات والبيانات التي أدلى بها قادتنا وممثلونا في جنيف ونيويورك وفي أماكن أخرى. واعتبر أن اجتماعات استانا وسوتشي أسفرت عن نتائج محددة بخلاف محادثات جنيف التي توقفت في الآونة الأخيرة، مضيفاً الآن رأينا كيف أن ما تسمى المجموعة المصغرة التي تقودها الولايات المتحدة تحاول تشكيل لجنة دستورية مخالفة للصيغة والطريقة المنصوص عليها بشكل عام في العملية السياسية لذلك لا نرى أي جديد في السياسة الأمريكية ونحن نعتبر تصريح الرئيس دونالد ترامب حول رحيله عن سورية مثل أي تصريحات أخرى من قبل الممثلين الأمريكيين ونتقبلها كبيانات فقط وسنعطي التقييمات للأفعال.
ولفت ريابكوف إلى أن موسكو لديها تصور عما يحدث بشأن مسألة انسحاب القوات الامريكية من سورية أو الحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي فيها وقال: إذا غادر الأمريكيون سورية فعلاً فإنها ستكون خطوة مهمة وجدية جداً وأعتقد أنها ستعزز صورة السياسة الخارجية الأمريكية على الأقل في روسيا.
وفي سياق متصل، أكد خبراء ومحللون سياسيون روس أن موقف موسكو تجاه الأزمة في سورية مبدئي وثابت تجاه حقها في سيادتها على كامل أراضيها وحل الأزمة فيها يكون عبر حوار سوري- سوري مشيرين إلى أن دوافع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإعلان لجهة سحب قواته الموجودة بشكل غير شرعي في سورية ما زالت غامضة مثل نتائج هذه الخطوة في حال تنفيذها. وأشار ميخائيل تشيرنوف مسؤول المشروع الثقافي الشرق الأوسط وشمال القوقاز لتعزيز سياسة السلام بين القوميات خلال مقابلة مع مراسل سانا في موسكو إلى ضرورة انتظار ومراقبة ما سيقوم به الأمريكيون من سحب لقواتهم من سورية وما سيترتب على ذلك من نتائج، واعتبر أن الأمريكيين بانسحابهم من سورية يعطون النظام التركي الضوء الأخضر للتدخل في شرق سورية كما أنه يفتح الباب أمام أطماع لاعبين إقليميين آخرين بتعبئة الفراغ الناتج عن هذه الخطوة.
وأكد تشيرنوف أنه بغض النظر عن عواقب الانسحاب الأمريكي فإن موقف روسيا إزاء الأزمة في سورية وتأكيدها ضرورة الحفاظ على استقلالها وسيادتها على كامل أراضيها لم ولن يتغير.
من جهته أشار كبير المحاضرين في معهد الاستشراق بالمدرسة الروسية العليا للاقتصاد أندريه تشوبريغين إلى أن روسيا كانت على الدوام تتحدث عن عدم شرعية التواجد الأمريكي على الأرض السورية وتؤكد أنه انتهاك للقانون الدولي.
من جانبه رأى كبير الباحثين في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية قسطنطين ترويفتسيف أن الأمريكيين فهموا أنه من العبث الاستمرار في وجود قواتهم غير الشرعي في سورية مرجحا أن يكون هناك اتفاق معين بين الأمريكيين والأتراك بهذا الشأن.
وفي طهران أكد رئيس السلطة القضائية الإيرانية آملي لاريجاني خلال اجتماعه مع كبار مسؤولي السلطة القضائية في إيران: إن انسحاب أمريكا هو في الواقع هروب إلى الأمام، وتخرج من سورية بزعم هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في حين يعرف العالم كله بأن سورية هي من انتصرت وهزمت التنظيم بفضل مقاومة شعبها وحكومتها الشرعية ومحور المقاومة، وأشار إلى أن قوى الهيمنة اليوم ترتكب مختلف أشكال الجرائم للإطاحة بالحكومات الشعبية وسوق المجتمعات نحو مآربها.