فاسد أم منافس؟!
بما أن رئيس الحكومة أكد أنه لن يسمح بوجود رجل أعمال فاسد، فإن السؤال: أين رجل الأعمال المنافس النقيض للفاسد..؟
في عام 2001 نشرنا تحقيقاً تساءلنا فيه هل لدينا رجال أعمال في سورية، أم تجار..؟
ومع أن السؤال لا يزال مطروحاً، وعلى فرضية أن رجال الأعمال توفروا بكثرة في سورية فإن السؤال: هل يفضل البعض منهم أن يكون رجل أعمال فاسداً أم منافساً..؟
الفساد هنا بالنسبة للتجار ورجال الأعمال “شطارة” أو “فهلوية” لكسب الأرباح بأقصر الطرق ولو على حساب السمعة، بل كان بعضهم من أنصار الصفقة الوحيدة والأخيرة..!
مهما يكن من أمر فإن الهاجس الرئيسي لأي رجل أعمال ناجح في العالم هو: كيف أصنع استراتيجية فريدة ومبتكرة تضمن لي الفوز في سباق المنافسة..؟
لقد ظهرت الكثير من الكتب خلال العقود الماضية تتحدث عن وصفة رجل الأعمال المنافس، ومن المؤسف أن أغلبها أجنبي..!
ويؤكد معظم مؤلفي هذه الكتب أن كل ما يحتاجه رجل الأعمال هو استراتيجية واضحة وسهلة ويحذرونه: افعل شيئاً مختلفاً غير التقليد، شيئاً يمكنك من خلاله التفوق على نظرائك المنافسين..!
ومن يتمكن من صياغة استراتيجية مبتكرة ومختلفة عن الآخرين تخطط للمستقبل سينجح حتماً في تجاوز المنافسين والتفوق عليهم في السوق.
وتتطلب الاستراتيجية المبتكرة الواضحة والسهلة خطوتين رئيسيتين، الأولى: ضرورة تعرف رجل الأعمال على القوة الدافعة التي تحفز شركته، أي على أكبر نقاط القوة لدى الشركة والتركيز على كيفية الاستفادة منها.
الخطوة الثانية: وضع مفهوم إداري يشرح كيفية توظيف هذه القوة في مواجهة المنافسين من قبيل أنواع المنتجات التي يمكن الاعتماد عليها والأسواق الجغرافية التي تلائم القوة الدافعة.
والسؤال المهم: لماذا يعد تطوير الاستراتيجية أمراً ضرورياً لرجل الأعمال المنافس..؟
ليس خافياً على أحد أن معظم الشركات تتميز بالكفاءة في أداء العمليات المختلفة، حيث أصبح المديرون على دراية بكيفية إدارة الشركة يوماً بيوم، وهنا مكمن الخطر على مستقبل الشركة، بل على مستقبل رجل الأعمال نفسه..!
ولعل المطب الخطير الذي يقع فيه معظم رجال الأعمال هو إنفاق معظم وقتهم في إخماد الحرائق المشتعلة في بيئة العمل أكثر من اهتمامهم برسم إطار مستقبلي لشركتهم..!
والأخطر من هذا كله أن لا يعبأ رجل الأعمال بالتفكير بما يمكن أن يحدث في المستقبل طالما لا توجد أزمة في الوقت الراهن..!
ومن المهم جداً أن يعرف رجل الأعمال أنه ليس الوحيد في السوق، وبالتالي عليه أن يتنبأ باستراتيجية منافسيه لمعرفة قواهم الدافعة ومفاهيمهم الإدارية والتعامل معها بحذر.إلخ.
وهذا الأمر يتيح لرجل الأعمال الناجح والمنافس شن هجمات مباشرة ومركزة على قلب استراتيجية منافسيه من خلال تخفيف مناطق التمييز أو تدميرها أو تطبيعها.
ومع أن الكثير من الخبراء يقترحون هنا مهاجمة مناطق الضعف في المنافسين، لكن هذه الأساليب تؤدي إلى إحداث تغيرات هامشية في وضع السوق لا إلى الهيمنة الكاملة.
ويجمع الخبراء على نصيحة رجل الأعمال: بادر باختيار منافسيك قبل أن يختاروك هم، لا تقحم نفسك في ميدان للمنافسة يفوق قدراتك..!
ونسأل من جديد: هل لدينا رجال أعمال منافسون ينأون بأنفسهم عن الفساد..؟
علي عبود