وفر احتياجات أكثر من 16.5 ألف أسرة.. وأمن 225 ألف ليرة كدخل سنوي لكل منها “الزراعة الأسرية” يعزز التعاون بين “أصحاب الكار الواحد” ويشي بوجود تباينات في المقاربات والصلاحيات؟!
مشروع الزراعة الأسرية ووحدات التصنيع الزراعي المرافقة له، والذي أُطلق بداية العام 2017 يصل اليوم إلى ترجمة المخطّط له، حيث استطاعت إدارته تنفيذ 16527 حديقة منزلية بواقع مساحة نصف دونم لكل حديقة ريفية.
المشروع الذي انطلق بالتعاون ما بين اتحاد غرف الزراعة السورية وبرنامج الأغذية العالمي، وبدعم وإشراف وزارة الزراعة، استهدف 10 محافظات ما عدا الرقة والحسكة وإدلب ودمشق المدينة، وقدّم لكل أسرة ريفية شبكة ري وحزمة من البذور الشتوية (بازيلاء– فول– بصل– خس– سبانخ)، وشتول صيفية (بندورة– فليفلة– باذنجان)، إضافة لكل مستلزمات كل حديقة، من أسمدة ومبيدات وإشراف حقلي وإرشادي، وكل ما يستلزم نجاح تجربة مشروع الزراعة الأسرية في أرياف المحافظات المستهدفة. فلم يعد تجربةً بل حقيقة زراعية اقتصادية، بكل ما للتعبير من معنى مادي ومعنوي.
وبحسابات الجدوى، استطاعت كلّ الأسر المستفيدة والتي استهدفها المشروع، ومن خلال إنتاجية الـ500 م2 لكل أسرة، وتخصيص كل 5 أسر بوحدة تصنيع لمنتجات حدائقها الزراعية والحيوانية، والتي وصل عددها إلى 45 وحدة تصنيع موزعة على المحافظات المستهدفة، استطاعت كل أسرة من تلك الأسر أن تحقق (متوسط إنتاج الحديقة الواحدة) دخلاً مالياً سنوياً صافياً بلغ 225 ألف ليرة سورية، إضافة إلى تأمينها جزءاً مهماً من احتياجاتها الغذائية والحيوانية، ما مكَّنها من التقليص كثيراً والتوفير في فاتورة متطلباتها المعيشية، كما مكّنها من التغلب على الحاجة والعوز اللذين خلفتهما الأزمة.
هذا المشروع وبما قطفه من نتائج واقعية موثقة بحسب اتحاد غرف الزراعة، ستنتهي مرحلته الثالثة وفقاً للجدول الزمني المحدّد لكل مرحلة، الشهر الثامن من العام المقبل 2019، هو ومنذ الآن محطّ اهتمام ودراسة مطلقيه، وذلك عبر التفكير جدياً بالعمل على استدامته وتطويره، ولاسيما بعد النتائج المبشّرة لبيادره.
ما تقدّم كشفه رئيس اتحاد غرف الزراعة المهندس محمد كشتو لـ”البعث”، حيث كان لنا لقاء معه أوائل بدء المباشرة بتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع قبل نحو عامين، ويومها كان وعدنا بما نعرضه حالياً من نتائج مادية، الأمر الذي يستحق من المعنيين ومنا كل تعاطٍ جديّ، وكل دعم وتعاون، وخاصة بعد أن ثبت بالدليل المادي أنه استطاع الأخذ بيد آلاف الأسر السورية لتكون منتجة تكفي نفسها وتؤمّن لمجتمعها ما يساعده على الصمود والنصر.
ضرورة التنسيق
ولعلّ لقاء وزير الزراعة المهندس أحمد القادري، قبل بضعة أيام، مع أعضاء مجلس إدارة اتحاد الغرف الزراعية السورية، يأتي في ضوء النتائج التي تحقّقت بتعاون الجهات الثلاث، وفي الوقت نفسه يشي بنوع من التباينات في المقاربات والصلاحيات الزراعية بين أصحاب الكار الواحد، حيث أكد القادري على دور الاتحادات خلال المرحلة القادمة بالمساهمة في الاقتصاد الوطني، لافتاً إلى أن اتحاد غرف الزراعة له دور مهمّ في القطاع الزراعي ونشاطاته جيدة، ولكن يجب أن يكون له دور في العمل الاستثماري والنشاط الاقتصادي، من خلال إقامة شركات مستقلة أو مساهمة أو مشاريع تحقّق موارد دائمة، مشيراً إلى ضرورة التنسيق ما بين النشاطات التي تقوم بها وزارة الزراعة وبين ما تقوم به الاتحادات بهدف تحقيق قيم مضافة.
تحديد المطلوب
بدوره رئيس اتحاد الغرف الزراعية أكد أهمية الدعم والتعاون ما بين الوزارة والغرف، واستعرض بعض المعوقات التي تعترض العمل، مشدداً على ضرورة إيجاد حلّ لتعثر شركة فيحاء الشام، لأن تعثرها سبّب خسارات كبيرة للمساهمين، مبدياً تقبل اتحاده لأي حلّ عادل، مبيناً أنه لا يوجد حكومة في العالم تقدم كل شيء كما تفعل الحكومة السورية برغم التحديات وهذا يُسجل لها، لذلك فقد رأى أنه من الأفضل تحديد المطلوب من كل جهة وتوزيع العمل، وذلك بهدف تلافي مشكلة التداخلات في الصلاحيات بين الجهات، معتبراً أن هذا الأمر غير إيجابي.
مطالب مشروعة
رئيس الاتحاد طالب بضرورة إعادة صلاحيات منح شهادات المنشأ لغرف الزراعة، كونها من اختصاصها، في الوقت الذي تمنحها الآن جهة غير معنية بها، إضافة إلى ضرورة تعديل قانون الاتحاد وفقاً للمرحلة والتطورات التي تحدث لأن عمره ٦٠ عاماً، مشيراً إلى انعدام موارد الغرف في هذه المرحلة، لذا فقد تمنّى على الحكومة المساعدة في تأمين بعضها، مبدياً في الوقت نفسه استعداد الاتحاد للمساهمة في تأمين جزء من مستلزمات الإنتاج للفلاحين للوقوف إلى جانب الجهات الحكومية. وفي هذا السياق ذكر بأن الاتحاد يساهم ومنذ عام ٢٠٠٥ بتأمين بذار البطاطا، كاشفاً عن أنهم استطاعوا وفي هذه الفترة تأمين الجرارات ضمن الإمكانيات، إضافة للأسمدة والمبيدات وغيرها، كما كشف عن أن الاتحاد سيحدث مراكز تسويق جماعي في التجمعات الزراعية لتكون قريبة من المنتجين والمسوقين، ما يقلّل التكلفة ويحقق فارقاً سعرياً، وأن أول مركز سيكون قريباً في منطقة بيت جن، وسيكون بطريقة حديثة متطورة مع شاشة بورصة للأسعار.
لم يخلُ
اللقاء لم يخلُ من الطروحات والمقترحات التي قدّمها أعضاء مجلس إدارة اتحاد الغرف الزراعية، كما لم يخلُ من عرض الصعوبات التي تواجه عملهم، والمطالبة بما تقتضيه المرحلة القادمة، والسؤال بعد أن سمع الوزير ما سمع: هل ستكون هناك أذان صاغية، والأهم حل لكل ما تمّ كشف وبشفافية على طاولتنا الزراعية؟.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com