انتحار شاب تونسي يفجّر موجة احتجاجات واسعة
أقدم شاب تونسي في مدينة جبنيانة التابعة لولاية صفاقس على إضرام النار بجسده احتجاجاً على وضعه المعيشي والاقتصادي المتردي، وأشارت مواقع تونسية إلى مسارعة مجموعة كانت قريبة منه إلى إطفائه ونقله للمشفى.
وشهدت مدينة جبنيانة التونسية مظاهرات احتجاجية واسعة طالب المشاركون فيها بالتشغيل والتنمية والكشف عن حقيقة وفاة شاب من المنطقة، أفادت تقارير صحفية بمصرعه في حادث مرور داخل منطقة الحنشة، إلا أن المحتجين يعتبرون الوفاة جاءت نتيجة مطاردة أمنية.
وتوفي المصور الصحافي عبدالرزاق رزقي مساء الاثنين بعد أن أضرم النار في نفسه في اليوم ذاته احتجاجاً على البطالة والأوضاع المتردية في ولاية القصرين (وسط غربي)، وقال في شريط فيديو سجّله بنفسه قبل وفاته: “من أجل أبناء القصرين الذين لا يملكون مورد رزق اليوم سأضرم النار في نفسي”.
وبالفعل سكب الرزقي الذي يعمل مراسلاً ومصوراً لقناة محلية خاصة، البنزين على جسده، لكن رواية إحراق نفسه لا تزال غامضة، فيما تشتبه السلطات في أن شخصاً آخر هو من أضرم فيه النار.
وكشفت وزارة الداخلية التونسية عن توقيف مشتبه به في قضية وفاة المصور الصحافي والتي وصفتها بـ”الغامضة”.
وبدأت الاحتجاجات في أحياء وسط مدينة القصرين منذ ليلة الاثنين الثلاثاء وتواصلت بصفة متقطعة إلى ليلة الثلاثاء الأربعاء.
وتجددت الاشتباكات ليل الثلاثاء الأربعاء في عدد من أحياء المدينة. ورشق المحتجون قوات الأمن بالحجارة التي ردت باستعمال الغاز المسيل للدموع. ولم يردد المحتجون هتافات ولم يرفعوا شعارات محددة.
والقصرين الواقعة قرب الحدود مع الجزائر من بين المدن الأولى التي اندلعت فيها الاحتجاجات الاجتماعية أواخر 2010 وقتل خلالها عدد من المحتجين قبل أن تتسع رقعة التظاهرات في المناطق الداخلية المهمشة من قبل السلطة وتطيح بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وكتبت صحيفة “لوكوتيديان” المحلية الناطقة بالفرنسية أن انتحار الصحفي حرقا “هو تعبير عن رفض لواقع كارثي وانخرام التوازن بين الجهات وارتفاع منسوب البطالة لدى الشباب والبؤس الذي يعيشه مواطنونا في المناطق الداخلية”، وتابعت: “لا يمكن لأحد نكران أن المسؤولين في البلاد غير مسؤولين. مسؤولون عن الفوضى ويأس الشباب وإحباطهم”.
وقال مسعود الرمضاني رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية “هناك قطيعة بين السياسيين والشباب الذي يعيش الفقر في المناطق الداخلية والذي يرى ضبابية مستقبله في غياب خطاب سياسي مطمئن”، وتوقّع أن تتسع رقعة الاحتجاجات وتشمل مناطق أخرى “في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية تعكف على المشاغل الحقيقية للتونسيين”.
وأكدت وزارة الداخلية في بيان أن قوات الأمن تدخلت مساء الثلاثاء “لإعادة الأوضاع إلى نصابها في بعض الأحياء من القصرين وجبنيانة (محافظة صفاقس بوسط شرقي) وطبربة (محافظة منوبة- شمال)”، وتحدّثت عن “أحداث شغب تمثلت في إشعال العجلات وغلق الطرقات والرشق بالحجارة دون تسجيل إصابات”.
وقال الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن الوطني وليد حكيمة، إن المواجهات أسفرت عن إصابة رجل أمن في جبنيانة وتوقيف خمسة أشخاص في طبربة.
وأوضحت الداخلية أن الهدوء عاد تدريجياً إلى هذه المناطق التي لا تزال الوحدات الأمنية متمركزة فيها لمراقبة الأوضاع.
وأعلنت نقابة الصحافيين التونسيين الثلاثاء إضراباً عاماً في المؤسسات الإعلامية يوم 14 كانون الثاني 2019، وقالت في بيان: إن الإضراب يأتي على خلفية “الوضع المتردي الذي بات عليه الإعلام لا سيما في القطاع الخاص من وضعيّات هشّة وانعدام الرّقابة على المؤسسات التي لا تحترمُ الحقوق المهنيّة للصحافييّن”.
ويؤجج التضخم الذي يغذيه خصوصاً انهياراً كبيراً في قيمة الدينار، والبطالة التي لا زالت فوق 15 بالمئة، التململ الاجتماعي الذي أدى إلى أعمال شغب في كانون الثاني 2018 في العديد من المدن التونسية.
وخلص الرمضاني إلى القول “نحن اليوم في حروب حزبية وصراع والعيون على الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2019 لا غير”.