10% نمونا الاقتصادي.. لكن!؟
الإيكومنسيت البريطانية تتوقع نمواً اقتصادياً في سورية يصل العام القادم 2019 إلى 10%، ووفقاً للصحيفة التي توزع 1.5 مليون نسخة يومياً، ستكون سورية الأعلى نمواً في العالم.
الخبر بحد ذاته ليس مفاجئاً من حيث المبدأ، كون الدولة التي تنتهي فيها الحرب، وتبدأ بالعمل وإعادة الإعمار والبناء تكون نسبة النمو الاقتصادي فيها لا تقل عن 40%، وتقل تلك النسبة تدريجياً كلما زاد الإنجاز وتم الاكتفاء لتصل إلى الحد الطبيعي.
ففي أوربا وبعد الحرب العالمية الثانية وصلت نسبة النمو في السنة الأولى 45%، بينما الآن 1%، وأحيانا أقل، وأحيانا أخرى 2 أو 2.5%.
لكن الخبر الذي لفتنا ولفت أحد الخبرات السورية العلمية والاقتصادية الصديقة في ألمانيا، ونقله لنا، المفاجأة فيه برأينا، هي كيف تم توقع هذا النمو وهذه النسبة، وبالاستناد على ماذا..؟
أما سؤالنا المعطوف على ما سبق فهو: هل تمتلك حكومتنا أية توقعات في هذا الشأن..؟ وإن كان هناك شيء من ذلك، ما خططها ومشاريعها وآلياتها وأولوياتها الاقتصادية والاستثمارية لتحقيق تلك النسبة..؟ ولماذا لم تكشف عنها..؟ نسأل من باب لو افترضنا جدلاً أن الخبر صحيح مئة بالمئة.
نترك ما سبق، لننبه إلى ما هو أهم باعتقادنا، وهو الحذر والتحوط من الوقوع في فخ الاقتصاد الريعي، الذي يعتمد على قطاع واحد بعينه في تحقيق مثل تلك النسبة. ننبه في ظل ما نشهده من نوعية في المشاريع التي يتم الإعلان عنها والترويج والتسويق لها بقوة..!
كما نحذر؛ لأن الاقتصاد الريعي ليس مشكلته أنه أحادي الجانب واعتماده على القطاع الريعي فحسب، بل لأن هذهِ الأحادية تسهم وبشكل كبير- بسبب غياب الإدارة الكفوءة وضعف الإرادة الجادة وضبابية الرؤية الاستراتيجية – في تعطيل القطاعات الاقتصادية وخصوصاً الإنتاجية التي تمثل لُب متانة النمو الاقتصادي، عندما تكون نشطة وفعّالة.
نحذر ونقول موضحين: عند حساب الناتج المحلي الإجمالي لابُد من القيام بجمع ما أنتجته القطاعات كافة من سلع وخدمات خلال مدة زمنية معينة، ومعرفة وتحديد حجم مساهمة كل قطاع.
ولأن تلك المساهمة تتفاوت من قطاع لآخر، تبعاً للأولويات التي تضعها الدولة، ووفقاً للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، فالتخوف باعتقادنا يكمن في عدم وضع خطة لتحديد الأولويات ونسب مساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي.
أما التخوف الأكبر فهو ما سيحصل من تفاوت شاسع نتيجة لعدم وضع خطة، وهذا يقود إلى اختلال الاقتصاد، ومن ثم هشاشة نموه، كما هي حال أغلب البلدان الريعية.
بالمختصر المفيد، إياكم والريعية والمشاريع الريعية، والاتكال على قطاع بعينه، فهذا هو بحد ذاته أزمة وأزمة قاتلة لدولة تخرج منتصرة سياسياً وعسكرياً من حرب مدمرة، ولا بد أن تنتصر اقتصادياً.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com