بعـــد الخيبــــة الأولــــى.. منتخبنا يعود للواقع والصحوة مطلوبة في لقاء الأردن
تعددت التحليلات، واختلفت الآراء حول أداء منتخبنا الوطني في مباراة التعادل أمام فلسطين في افتتاح مشواره الآسيوي، لكن الإجماع كان على أن لاعبينا خيّبوا الآمال، فما سبق البطولة من هالة إعلامية وتصريحات كبيرة من داخل جدران المنتخب زاد من جرعة التفاؤل، وزاد بعد المباراة من كمية الإحباط أيضاً.
ولأن مشوار البطولة لم ينته فإننا جميعاً خلف المنتخب حتى اللحظة الأخيرة، لكن الكلام في هذا التوقيت سيكون مفيداً لتصحيح الأخطاء وتجاوز السلبيات التي ظهرت، فنحن أمام جيل كروي لن يتكرر، وأمام فرصة تاريخية لوضع بصمة قارية انتظرناها طويلاً.
ليست النهاية
بعيداً عن الكلام العاطفي، والتشاؤم غير المبرر، فإن تعادل المنتخب ليس نهاية المطاف، بل الأفضل أن يكون نقطة البداية، وهذه مسؤولية الجهاز الفني، فمنتخبنا دخل أجواء البطولة بطريقة كرنفالية، وذهب البعض لتتويجه باللقب دون أن يلعب، فظهر الاستهتار، وقلة التركيز، وغابت الروح الانتصارية، لذلك يمكن اعتبار مباراة فلسطين بمثابة الصدمة الإيجابية التي يمكن أن تعيد أقدامنا إلى الأرض، وتضعنا في وضعنا الطبيعي بعيداً عن المبالغات والأحلام الصعبة، فلاعبونا لم يعتادوا على ضغوط المنافسة، وأضواء الترشيحات، فظهر البعض منهم خائفاً وتغشاه الرهبة، وظهر البعض الآخر متعالياً، وكان الفوز مضموناً دون جهد أو تعب.
نقطة التعادل ليست سيئة بالمطلق، لكن الطموح كان أكبر من ذلك، على أن تكون النتيجة هي الضارة النافعة التي ستزيد يقظتنا في المبارتين المقبلتين.
فلسفة زائدة
قبل البطولة كان الجميع يطالب بترك الجهاز الفني يعمل بصمت دون تدخل أو نقد، والتزمنا بهذا الكلام حرصاً على مصلحة المنتخب، ولكن بنظرة منطقية نجد أن المدرب الألماني ومساعديه تعاملوا بفلسفة زائدة مع المباراة، وحاولوا التعامل بطريقة تسجيل النقاط على منتقديهم، فاختيار التشكيلة الأساسية كان محط شك قبل انطلاق المباراة، وكانت الخيارات غريبة، فحتى من لا يفقه بكرة القدم يدرك أن اللعب بثنائي دفاعي في منتصف الملعب في مواجهة منتخب دفاعي أمر لن يجدي نفعاً، لكن الرغبة لدى المدرب في وضع لمسته أفسدت الأمور، وحتى عندما تيقن لخطئه، وحاول إصلاح الوضع، لم ينجح فزج بلاعب في المركز ذاته عوضاً عن تكثيف خط الهجوم.
وعلى اعتبار أننا دخلنا مرحلة الخطر فإن المطلوب من الجهاز الفني، وخاصة المدرب “الأجنبي”، أن يتعامل ببساطة مع المباريات، والابتعاد عن وضع لمساته الخاصة التي يبدو أنها لا تناسب لاعبينا.
تقييم سريع
لاعبو منتخبنا قدموا مباراة جيدة من الناحية الفنية، فسيطروا على الكرة، وفرضوا إيقاعهم طوال الدقائق التسعين، لكن غياب التجسيد والفاعلية الهجومية حرمه من النقاط الثلاث، وإذا أردنا أن نقيم بشكل سريع أداء لاعبينا نجد أن حارسنا إبراهيم عالمة كان في نزهة، ولم يتعرّض لأي اختبار يذكر، كما أن ثنائي الدفاع جهاد الباعور، وأحمد الصالح كانا في الموعد، وساهما حتى في التنشيط الهجومي، فيما ظهر الارتباك على أداء عبد الملك عنيزان، ونقص الجاهزية على مؤيد العجان كظهيرين.
ثنائي الارتكاز حاج محمد وميداني كانا بطيئين للغاية، وإذا كان حاج محمد أدى دوره الدفاعي على أكمل وجه، فإن أداء ميداني كان مثار تساؤل، وبعيداً عن إصابة الأومري المبكرة فإن يوسف قلفا بالغ كثيراً في الاستعراض والاحتفاظ بالكرة، ولو لعب بجدية أكبر لكان قد صنع هدفين لزملائه، أما عمر السومة وعمر خريبين فقدما ما عليهما، وكانا خطيرين في الكرات القليلة التي وصلت لهما.
لحظة مفصلية
منتخبنا وضع نفسه كالعادة أمام خيارات محدودة، كما أن فوز الأردن على استراليا زاد من حراجة الموقف، لذلك بات الفوز بعد غد على الأردن مطلوباً بشدة لإنقاذ حلم التأهل للدور الثاني على الأقل، وستكون الضغوط أكبر على لاعبينا، فالفوز وحده يعيدنا إلى أجواء المنافسة.
وللإنصاف نقول إن لاعبينا قادرون على فعل الكثير بشرط أن نلعب بطريقتنا لا أن نبتكر ونجرب فموعد التجريب انتهى، والمطلوب الآن أن نرى حصيلة العمل الذي جرى خلال الأشهر الماضية، فجمهورنا بعد أن كبرت أحلامه لن يتلقى الصدمة بسهولة، وهذا أمر يجب أن يكون في أذهان الجميع.
مؤيد البش