دراساتصحيفة البعث

“الجنجويد” في اليمن

 

ترجمة: هيفاء علي
عن موقع إفريقيا- آسيا 30/12/2018
لم يعد خافياً على أحد أن دعم واشنطن للتحالف الذي تقوده السعودية في حربها المسعورة على اليمن أدى إلى تنامي نفوذ تنظيم القاعدة فيها. ففي العام الماضي، فرضت إدارة ترامب عقوبات على أمير حرب إرهابي قوي يُدعى “أبو العباس”، متهمة إياه بأنه “مدرب عسكري بارز”، ويقوم بجمع التبرعات للقاعدة، والذي كان في مرحلة من المراحل “خدم تنظيم داعش” وموّل قواتها.
لكن “أبو العباس” لم يهرب ولم يختفِ بل اعترف بأنه مازال يتلقى ملايين الدولارات من الأسلحة والدعم المالي لمقاتليه من أحد أقرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، الإمارات العربية المتحدة، ما يهدّد الأهداف المعلنة بمكافحة الإرهاب من قبل الولايات المتحدة في اليمن، حسب زعم واشنطن. إن تعاون التحالف السعودي مع أعضاء تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدعم الذي يوفره لهم يجري على قدم وساق وسراً منذ سنوات عدة. ففي آب الماضي، أصدرت وكالة أسوشيتد برس تقريراً مفصلاً عن قيام التحالف باستقدام وتجنيد أعضاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية كجزء من حربه ضد الشعب اليمني واللجان الشعبية. وعليه، يعمل أعضاء التحالف مع إرهابيي القاعدة ويدعمهم منذ سنوات طويلة حتى هذا الوقت. في الوقت نفسه، يواصل المسؤولون الأمريكيون تبرير دعم الولايات المتحدة لحرب التحالف ضد اليمن من خلال التأكيد على أهمية التعاون السعودي والإماراتي في مكافحة الإرهاب.
الحرب ضد اليمن عزّزت ورسّخت قوة الجماعات الجهادية، بشكل مباشر وغير مباشر. والولايات المتحدة لا تستمر فقط في دعم الحرب التي تعود بالفائدة على الجهاديين من خلال زرع الفوضى، لكنها تدعم أيضاً الحكومات التي تموّل وتساعد هؤلاء الإرهابيين بشكل مباشر.
ويبدو أن هذا الأمر لم يكن كافياً، فقد استعان التحالف السعودي بمجرمي الحرب السودانيين من ميليشيا الجنجويد الإرهابية وضمّهم إلى صفوف مقاتليه. هذا ما تمّ كشف النقاب عنه مؤخراً في صحيفة واشنطن بوست في سياق تقرير مطول لفتت فيه إلى استخدام التحالف السعودي لميليشيا الجنجويد السودانية في اليمن جاء فيه: “إن الرأي العام السوداني يدعو إلى إنهاء مشاركة الخرطوم في الهجوم السعودي على اليمن”، حيث جاء جميع المقاتلين السودانيين من منطقة دارفور التي تمزقها الحرب والفقر، وقُتل نحو 300 ألف شخص ونزح 1.2 مليون شخص على مدى 12 عاماً من الصراع على الأراضي الصالحة للزراعة. وينتمي معظمهم لقوات الدعم السريع للقوات شبه العسكرية، وهي ميليشيا قبلية تُعرف باسم الجنجويد المتهمة بالاغتصاب المنظم للنساء والفتيات، والقتل التعسفي وجرائم الحرب الأخرى أثناء نزاع دارفور. وعلى الرغم من مطالبة مجلس الأمن منذ عشرة أعوام بنزع سلاح ميليشيات الجنجويد الدموية، إلا أنه لم يُفلح في وضع حدّ لممارساتها الوحشية بحق السودانيين واليمنيين اليوم. فهي تضمّ في صفوفها عدداً من مجرمي الحرب المدربين حديثاً والمدججين بالسلاح، ويرتدون الزي العسكري ويرفعون العلم الوطني، ما يعني أنهم يحملون ترخيصاً رسمياً للقتل. وهاهم اليوم المقاتلون المتورطون في هذه المجازر، يرتكبون أفظع الجرائم بحق الشعب اليمني وينتشرون في أرجاء اليمن بشكل رسمي ومنظم، إضافةً إلى تلقيهم دعماً مالياً من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من اتهامهم بمهاجمة المدنيين وتدمير قرى دارفور.
إذاً، يستخدم التحالف السعودي الإرهابيين السودانيين، مرتكبي الإبادة الجماعية للمساعدة في ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في اليمن منذ أعوام عدة، فيما تستمر الولايات المتحدة في مساعدة ائتلاف من الحكومات يضمّ حكومة إبادة جماعية وعدة أشخاص آخرين يتفنّنون في قتل الشعب اليمني بعدما نهبوا خيرات البلاد ودمّروا منازلها وبنيتها التحتية، وتسبّبوا بمجاعة لم يشهدها التاريخ من قبل. صحيح أن تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية يحفل بالفصول القبيحة، إلا أن دعم إدارة ترامب لهذه الحرب الشرسة هو واحد من أكثر الفصول دناءةً وخسةً!.