أخبارصحيفة البعث

تصويت مرتقب على اتفاق “بريكست” يختبر قدرة ماي

 

 

يصوّت النواب البريطانيون في 15 كانون الثاني الجاري على اتفاق بريكست، الذي تفاوضت حوله لندن مع الاتحاد الأوروبي، كما أعلن ناطق باسم الحكومة البريطانية أمس.
وستستأنف النقاشات حول هذا النصّ خلال اليومين المقبلين في مجلس العموم، ويمكن أن تمدّد حتى الجمعة، لكن اعتماده يبقى مهدّداً لأن عدة نواب من مؤيدي ومعارضي بريكست على حد سواء يعارضونه.
وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أنها ستواصل العمل مع بروكسل للحصول على ضمانات من شأنها إقناع النواب، وذلك بعدما أجرت محادثات مع مسؤولين أوروبيين خلال فترة الميلاد.
وأمام مخاطر الوصول إلى طريق مسدود والخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، ما يعني قطعاً حاداً للعلاقات التي نسجت منذ أكثر من أربعة عقود، تنظر لندن في إمكانية تأخير موعد الخروج من الاتحاد، كما أفادت صحيفة “تلغراف” نقلاً عن مصادر لم تحدّدها: إن مسؤولين من بريطانيا والاتحاد الأوروبي يناقشون احتمال مد أجل الانفصال الرسمي عن التكتل في ظل مخاوف من عدم الموافقة على اتفاق الانفصال بحلول الـ29 آذار، وأضافت: إن مسؤولين بريطانيين “يستكشفون” و”يختبرون” إمكانية مد أجل المادة 50 التي تحدد شروط الخروج من الاتحاد الأوروبي في معاهدة لشبونة.
ورد ستيفن باركلي وزير شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي عند سؤاله بشأن تقرير (تليغراف) قائلاً: “سنغادر الاتحاد الأوروبي يوم 29 آذار. لا نتطلع لمد الأجل”.
وعند سؤاله مباشرة عمّا إذا كان ينفي صحة التقرير قال باركلي: “نعم. لأنني أوضح تماماً أن سياسة الحكومة هي المغادرة يوم 29 آذار”، وأضاف: “إن مد أجل المادة 50 ليس قراراً أحادياً للمملكة المتحدة، وإنما يحتاج أيضاً لموافقة بالإجماع من رؤساء دول الاتحاد الأوروبي”.
وما زالت ضبابية شديدة تكتنف مستقبل الخروج البريطاني، حيث من المتوقّع أن يصوت أعضاء البرلمان البريطاني في الأسبوع المقبل بالرفض على الاتفاق الذي أبرمته ماي مع الاتحاد في تشرين الثاني.
ويخشى مستثمرون ورؤساء شركات من أن تؤدي مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق لاضطراب التبادل التجاري وأسواق المال وخلخلة سلاسل الإمداد لخامس أكبر اقتصاد عالمي.
وإضافة إلى الانفصال دون اتفاق أو الخروج وفقاً لبنود اتفاق ماي تشمل الخيارات الأخرى تأجيل الخروج رسمياً، أو الدعوة لانتخابات برلمانية، أو إجراء استفتاء آخر على عضوية الاتحاد الأوروبي.
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تعرّضت الاثنين لضغوط من أجل توضيح ما هي الضمانات الإضافية التي يمكن أن تحصل عليها من الاتحاد الأوروبي، في حين كرّر هذا الأخير قوله: “إنه لن يعيد التفاوض على مشروع الاتفاق”.
ومع اقتراب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، اتهم زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن رئيسة الوزراء بأنها “تضيّع الوقت في محاولة “لابتزاز” البرلمان من أجل دعم اتفاق بريكست”.
وأرجأت ماي التصويت الشهر الماضي بسبب معارضة شديدة للاتفاق من جانب النواب، ووعدت بالمزيد من التوضيحات من جانب بروكسل، وقالت بعد قمة الاتحاد الأوروبي في كانون الأول ومحادثات مع قادة هولنديين وفرنسيين وألمان واسبان ومن الاتحاد الأوروبي في الأيام الأخيرة: “نواصل العمل على الحصول على ضمانات وتعهدات إضافية من الاتحاد”.
وأشار مصدر حكومي إلى أن هذه الضمانات قد لا تكون جاهزة قبل استئناف النواب مناقشتهم اتفاق بريكست، لكن يُتوقّع أن تكون كذلك بحلول موعد التصويت، إلا أن المتحدّث باسم المفوضية الأوروبية مارغاريتيس سكيناس أكد أنه لن يعاد التفاوض على اتفاق بريكست، وأضاف: “ليس هناك مفاوضات، لأن كل ما لدينا على الطاولة هو ما نعتبره معطى ومكتسباً وموافقاً عليه”.
وهناك مخاوف في وستمنستر من أن تُرجئ ماي مجدداً التصويت في حال لم تُحقق أي تقدّم في بروكسل، ما يجعل بريطانيا أقرب إلى الخروج من الاتحاد من دون اتفاق.
واستغرق التفاوض على الاتفاق نحو عامين، لكنه فشل في إرضاء جميع الفرقاء تقريباً في الساحة السياسية البريطانية، ونجت ماي من تحرّك قام به حزبها لسحب الثقة منها، لكنها أجبرت على إرجاء جلسة تصويت كانت مرتقبة في مجلس العموم في كانون الأول 2018 بعدما أقرت بأن الأغلبية كانت سترفض مسودة الاتفاق.
ولا يزال النواب المؤيدون لبريكست في حزبها المحافظ في حالة ثورة مفتوحة، بينما يميل قادة حزب العمال المعارض إلى إجراء انتخابات جديدة.
ويريد حزب العمال إعادة التفاوض بشأن الاتفاق، فيما يقول بعض مؤيدي بريكست: إنه ليس هناك ما يدعو للخوف في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، إذ يقول وزير الخارجية السابق المؤيد لبريكست بوريس جونسون: إن مغادرة التكتل من دون اتفاق سيكون في الواقع الحل “الأقرب لما صوت الناس لصالحه”.
لكن كثيرين لا يوافقونه الرأي، فقد تلقت رئيسة الوزراء رسالة الأحد من 209 نواب دعوها فيها “للتوصل إلى آلية تضمن عدم تنفيذ بريكست من دون اتفاق”، في حين شدد أحد وزراء بريكست على أنه لا يزال من الممكن أن يكون التصويت لصالح الاتفاق.