ثلاث مناطق حرفية للمتضررين وأول حاضنة لتعليم المهن اليدوية الانقراض يطلق رصاصته على (الأعواد والزجاج المعشق) والحرب لم تبقِ إلا ألفي حرفة
دمشق– ميس خليل
ليس جديداً ما تعانيه المهن والحرف التقليدية اليدوية في سورية، فالمأزق الذي ضرب أطنابه بالقطاع “العتيق” وأصابه بالشلل في بعض المراحل/ لم يكن إلا نتيجة لمسببات من قبيل ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف أقنية التسويق وارتفاع الرسوم والضرائب، لتأتي الحرب وتحاول إطلاق رصاصة الرحمة على تلك الحرف وتتسبت بتوقف الكثير من الورش عن العمل وهجرة أصحاب أهم المهن، واقع دفع بالكثير من الغيارى إلى دق ناقوس الخطر على حرفنا التي لم يتبقَّ منها إلى الآن سوى 2000 حرفة.
هنا ثمة علامات استفهام واستغراب لا يمكن التغاضي عنها، مفادها دخول منتجات مشابهة وبأسعار رخيصة ومواصفات تجارية، يتفق المهتمون على أنها السبب في التراجع الكبير لعدد وعديد الحرف الوطنية التي يذكر التاريخ أن سفن الفينيقيين الأولى عبرت البحار حاملة معها براعة السوريين وخبرة أهم الحرفيين السوريين لتحل في مدن المتوسط وغيرها، في وقت تدخل التحديات الإدارية والتشريعية وقلة الطلب على المنتج المحلي وارتفاع الضرائب كعامل رئيسي في جعل الكثير من الحرفيين يغلقون ورشاتهم الصغيرة والمتوسطة تدريجياً.
أمام تحديات من هذه الدرجة يتصدر دور اتحاد الحرفيين كمكون حقيقي في دعم شريحة الحرفيين وورشهم للحفاظ على هذا الغنى والرصيد من الاندثار والانقراض. حيث لا يتوانى عصام الزيبق رئيس اتحاد حرفيي دمشق عن الاعتراف بأن هناك الكثير من الحرف مهددة بالانقراض، منها صناعة الأعواد والزجاج المعشق، وهناك سعي دائم من قبل الاتحاد لعودة تلك المهن للعمل، وتم افتتاح 20 ورشة من أجل إعادة الألق لتلك الحرف، منوهاً إلى وجود 38 جمعية حرفية، و60 ألف حرفي، وعدد المنتسبين للاتحاد 22 ألفاً.
ويوضح الزيبق في تصريح لـ “البعث” بأنه يتم التركيز حاليًا على مساعدة الحرفيين المتضررين جراء الأزمة، وذلك من خلال إنشاء منطقتين حرفيتين؛ الأولى في الباردة لتأمين الحرفيين المتضررين في مناطق القدم والقابون وشارع 30 والبالغ عددهم 1000 حرفي، ومنطقة أخرى موسعة تضم معامل وورشات ستكون بجانب جسر بغداد، وسينقل للعمل بها ما يقارب 5 الآف حرفي، مشيراً إلى أنه تم لحظ المنطقتين ضمن المخططات التنظيمية وسيتم البدء بإنشائهما خلال عدة أشهر، كما تم إنشاء منقطة حرفية أخرى في دير علي تخدم 4 محافظات درعا والسويداء وريف دمشق ودمشق، وخلال أيام قليلة تكون جاهزة وسينقل لها ما يقارب 1200 حرفي، مشيراً إلى أن منطقة دير علي ستساهم بتوفير دخول ما يقارب 8000 سيارة إلى دمشق يومياً، إضافة لتأمين فرص عمل للكثير من الأيدي العاملة.
وكشف الزيبق عن وجود رؤية مستقبلية واسعة لاستيعاب كل الحرفيين المنتجين، وفتح أسواق جديدة لتصريف منتجاتهم وذلك من خلال إحداث مجمع للمهن التراثية يحمل اسم شام الياسمين في منطقة الزبلطاني بهدف الحفاظ على المهن التراثية، وعليه تم تخصيص قطعة أرض “4 دونمات” لبناء المجمع، واتحاد دمشق يبحث عن شريك لتنفيذ المشروع، كما تم التوجيه لإنشاء أول حاضنة لتعليم الحرف بكافة أشكالها وأنواعها في منطقة دمر، ستكون مجهزة بقاعات اجتماعات وتدريب وسوق تراثي لكافة المهن ليصبح فيما بعد معلماً للسياحة.
وبين الزيبق أن أي شخص يريد أن يتعلم أي حرفة يتوجه إلى تلك الحاضنة لقاء رسوم بسيطة، منوهاً إلى أن ذوي الشهداء وجرحى الجيش العربي السوري معفون من الرسوم، وبعد التخرج من الحاضنة يتم تأمين فرص عمل فورية لهم، وسيتم افتتاح الحاضنة خلال شهرين.
ومن أجل مساعدة الحرفيين لإقامة أسواق للحرف اليدوية ذكر الزنبق أنه تم توقيع بروتوكول مع جمهورية أبخازيا من أجل تبادل الخبرات وإقامة معارض متبادلة، والاتفاق على وضع البيت السوري التراثي الدائم في المعارض الأبخازية، والبيت الأبخازي التراثي الدائم في المعارض السورية.