حرروا النشطاء المعتقلين في السعودية
ترجمة: علاء العطار
عن “الغارديان” 4/1/2019
تمتلك السعودية، وهي أكبر مصدّر للنفط في العالم، أسوأ سجل في العالم فيما يتعلق بالحرية الدينية والحريات المدنية وحقوق المرأة، وهذا لم يكن ليتغيّر كثيراً حتى لو كانت السلطة بيد الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الذي ناهز عمره 82 عاماً، ويُنظر إليه كشخصية محافظة، لكن هذا الملك هرم وليس هو من يُدير البلاد، فمنذ أن اعتلى العرش قبل أربع سنوات تقريباً، قاد ابن الملك سلمان، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، السياسة السعودية، ومن المؤكد أن الأمير قد أعاد تنظيم الأمور بشكل جذري، فقد شنّ الحروب في الخارج، وأثار أزمة مع كندا بسبب مخاوفها حيال حقوق الإنسان في المملكة، وأمرَ على ما يبدو، بقتل الكاتب الصحفي في واشنطن بوست جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول.
كان من المفترض أن تكون رؤية الأمير لأمة حديثة وعصرية شعاعَ الأمل الذي شقّ طريقه بين غمامات عهده، لكن تبيّن أن الأمير محمد أكثر نرجسية من أن يتشارك الأضواء مع إصلاحيين يفكرون بتلك الطريقة، ولا شك أنه لا يستطيع أنْ يتحمّل أن يُنسب الفضل لآخرين في إخراج المملكة من عقلية القرون الوسطى، ولهذا سمح النظام للنساء بقيادة السيارات العام الماضي، ولكن قبل شهر من رفع الحظر، اعتقل نشطاء كانوا قد دأبوا لسنوات على الدعوة إلى التغيير، وكان أحد المعتقلين السيدة لجين الهذلول، وهي أحد النشطاء البارزين التي تمّ تصويرها في مؤتمر القمة العالمي للشباب لعام 2016 مع ميغان ماركل، وتسربت أخبار اعتقال السيدة الهذلول قبل بضعة أيام من زواج السيدة ماركل من الأمير هاري، ومنذ تشرين الثاني الماضي، وردت تقارير موثوقة تفيد بأن النشطاء، الذين لم توجّه إليهم تهمٌ رسمية بعد، تعرضوا للتعذيب على أيدي السلطات السعودية، وهو أمرٌ نفته الرياض.
وبالمنطق الذي كان سيفتخر به كافكا، تبدو السعودية في ظل حكم عائلة سلمان مكاناً تؤدي فيه موافقتك لرؤية ولي العهد إلى سجنك، وضربك، وإغراقك حدّ الاختناق، وصعقك بالكهرباء. أما القتل وتقطيع الأوصال فهما عقوبتان مخصصتان لأولئك الذين يخالفونه. على الأقل سابقاً في السعودية لم تُشنّ حملة قمع سوى على من ينتقد، وإن أرادت مملكة اليوم أن تكون مختلفة، فعليها أن تتصرف بشكل مختلف، ولهذا السبب يجب أن تأخذ المملكة العرض الذي قدّمه النواب البريطانيون لمراجعة أوضاع النشطاء السعوديين على محمل الجد. يقود النواب كريسبين بلانت، عضو البرلمان المحافظ الذي دافع عن المملكة، وبينهم نائب من حزب العمال أشاد بدولة سعودية “عصرية، وتقدمية”، وإنَّ منحَ هؤلاء حق الوصول إلى النشطاء وسُمح لهم بمقابلة الجهات المسؤولة عن احتجازهم سيكون الخطوة الأولى نحو استجابة مناسبة من جانب السعودية للانتقاد الدولي لسجلها في مجال حقوق الإنسان، وعلى الرياض أيضاً أن تُومئ بأن إطلاق سراح السجناء من نشطاء الحقوق المدنية أمرٌ وارد.
هناك أمور كثيرة حدثت ويجب التراجع عنها، فالسعودية الجديدة ليست هي كالسعودية السابقة، إنها أسوأ، ففي العام الماضي بدأت السلطات السعودية السعي إلى فرض عقوبة الإعدام على المنشقين غير المتهمين بالعنف، ولهذا لا ينبغي لسياسة المملكة المتحدة أن تجعل للصفقات التجارية وصفقات الأسلحة أولويةً على حقوق الإنسان، وإذا أرادت عائلة سلمان أن تكون السعودية أكثر ليبرالية وحداثة، فعليهم أن يُغيّروا مثل هذه السياسات الرجعية والانتقامية، وإلا فإن ذلك لن يكون إصلاحاً للمملكة، وإنما ببساطة إعادة قولبة لها!.